قوله تعالى: {بل هم في شك يلعبون 9 فارتقب يوم تأتي السماء بدخان مبين 10 يغشى الناس هذا عذاب أليم 11 ربنا اكشف عنا العذاب إنا مؤمنون 12 أنى لهم الذكرى وقد جاءهم رسول مبين 13 ثم تولوا عنه وقالوا معلم مجنون 14 إنا كاشفو العذاب قليلا إنكم عائدون 15 يوم نبطش البطشة الكبرى إنا منتقمون 16}
  · المعنى: لما تقدم ذكر القرآن، وأحوال المؤمنين عقبه بذكر أحوال الكفار، فقال - سبحانه -: «بَلْ هُمْ» يعني الكفار «فِي شَكٍّ» من القرآن والنبوة «يَلْعَبُونَ» قيل: يشتغلون ويترددون في أحوال الدنيا، وقيل: يستهزئون بك وبالقرآن إذا قرئ عليهم، ويلعبون، عن أبي علي، والمراد أنهم أهملوا أنفسهم ولم ينظروا، وسلكوا طريق الشك في أمر الآخرة، وأقبلوا على اللعب «فَارْتَقِبْ» انتظر بهَؤُلَاءِ ومجازاتهم «يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُبِينٍ» يغشاهم يقولون: يا رب «هَذَا عَذَابٌ أَلِيمٌ» فاكشفه عنا «إِنَّا مُؤْمِنُونَ» وقيل: الارتقاب بمعنى الحفظ، والمراد استشهاد النبي ÷ في عذاب أنزله بهم، فاستكشفوه بإظهار الإيمان يقول: فاحفظ، أي: اشهد أيها النبي عليهم واحفظ قولهم، فإنا سنكشف عنهم العذاب مدة، ثم يعودون إلى كفرهم، عن أبي مسلم، وذكر الوجه الأول أيضًا. وقيل: الدخان الظلمة التي كانت تغشى أبصار المشركين لشدة الجوع حين دعا عليهم النبي ÷ وقال: «اللهم سنين كسني يوسف»، عن ابن مسعود، والضحاك. وقيل: كانوا يرون شبه دخان ينزل من السماء، وقيل: كان ذلك قبل بدر، وقيل: الدخان من أشراط الساعة يدخل في مسامع الكفار والمنافقين، وهو لم يأت بعدُ، وسيأتي، عن ابن عباس، وابن عمر، والحسن، وزيد بن علي، وأبي علي. وقيل: يصيب المؤمن كهيئة الزكام، وعن النبي ÷: «أول الآيات الدخان ونزول عيسى». وقيل: يوم يأتي الدخان يملأ بين المشرق والمغرب يمكث أربعين يومًا وليلة، أما المؤمن فيصيبه كهيئة الزكام، وأما الكافر بمنزلة السكران يخرج من منخريه وأذنيه ودبره. وقيل: إن هذا الدخان يكون يوم القيامة، عن أبي مسلم، والأوجه أن يكون يوم القيامة، أو يكون من علامات الساعة؛ لأنه تعالى أخبر أن دخانًا يأتيهم، وهو عذاب، وفي سنين القحط ما كان هناك دخان في الحقيقة،