قوله تعالى: {كم تركوا من جنات وعيون 25 وزروع ومقام كريم 26 ونعمة كانوا فيها فاكهين 27 كذلك وأورثناها قوما آخرين 28 فما بكت عليهم السماء والأرض وما كانوا منظرين 29 ولقد نجينا بني إسرائيل من العذاب المهين 30 من فرعون إنه كان عاليا من المسرفين 31 ولقد اخترناهم على علم على العالمين 32 وآتيناهم من الآيات ما فيه بلاء مبين 33}
  البكاء على القتيل، يبكونه بعد قتل قاتله أو من يساويه، ولا يبكون قبل طلب الثأر، عن أبي مسلم.
  وأوضح الوجوه ما قاله الحسن وأبو علي؛ لأنه حمل البكاء على حقيقته.
  «وَلَقَدْ نَجَّينَا» خلصنا «بَنِي إِسْرَائِيلَ مِنَ الْعَذَابِ الْمُهِينِ» وهو ما ينالهم من فرعون من الأعمال الشاقة والإهانة «مِنْ فِرْعَوْنَ إِنَّهُ كَانَ عَالِيًا» قيل: متكبرًا، وقيل: مستعليًا على العباد، يريد أن يجعلوه إلهًا، عن أبي علي. «مِنَ الْمُسْرِفِينَ» يعني مجاوز للحد، ولا إسراف أعظم من ادعاء الربوبية، وقتل النفس بغير حق، وظلم المؤمن بالمال والنفس «وَلَقَدِ اخْتَرْنَاهُمْ» أي: اجتبيناهم «عَلَى عِلْمٍ» أي: وأنا عالم بحالهم وأنهم أهل للاصطفاء «عَلَى الْعَالَمِينَ» قيل: عالمي زمانهم، عن الحسن، وقتادة، ومجاهد، بدليل قوله: {كُنْتُمْ خَيرَ أُمَّةٍ}[آل عمران: ١١٠]، وقيل: اخترناهم على جميع العالمين بكثرة الرسل، وقيل: أراد به الرسل، فهو عام، والمراد به الخصوص، يعني اخترناهم بالأنبياء؛ ولذلك قال: «وَآتَينَاهُمْ مِنَ الآيَاتِ» وذلك لا يليق إلا بالأنبياء «وَآتَينَاهُمْ» أعطيناهم «مِنَ الْآيَاتِ» من الحجج «مَا فِيهِ بَلاءٌ مُبِينٌ» أي: نعمة ظاهرة، قيل: البلاء النعمة، عن الحسن وجماعة، وقال قتادة: هو ما فعل بهم من المن والسلوى والغمام وفلق البحر ونحوه، وقيل: البلاء العذاب، عن الفراء، وقيل: الابتلاء الشدة والرخاء، عن ابن زيد، وقيل: الآيات المعجزات، وفيه نعمة على الأنبياء وعلى قومهم.
  · الأحكام: تدل الآية على التحذير مِنْ مِثْلِ حالهم إذا جمعوا الأموال، وتركوها، وصاروا إلى العذاب.