التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {إن هؤلاء ليقولون 34 إن هي إلا موتتنا الأولى وما نحن بمنشرين 35 فأتوا بآبائنا إن كنتم صادقين 36 أهم خير أم قوم تبع والذين من قبلهم أهلكناهم إنهم كانوا مجرمين 37 وما خلقنا السماوات والأرض وما بينهما لاعبين 38 ما خلقناهما إلا بالحق ولكن أكثرهم لا يعلمون 39}

صفحة 6357 - الجزء 9

  · الإعراب: «لاعبين» نصب على الحال، أي: لم يخلقهما في حال اللعب.

  · المعنى: ثم عاد الكلام إلى ذكر النبي، ÷، فقال - سبحانه -: «إِنَّ هَؤُلَاءِ» يعني قوم النبي ÷ وهم مشركو العرب ومكة «لَيَقُولُونَ إِنْ هِيَ إِلَّا مَوتَتُنَا الْأُولَى» يعني نموت أولاً ثم لا بعث، ولا نشور، ولا دار سوى الدنيا. «وَمَا نَحْنُ بِمُنشَرِينَ» أي: بمبعوثين «فَأْتُوا بِآبَائِنَا» الأُوَل أحياء «إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ» أنَّا نبعث أحياء بعد الموت، يعني إن صح النشور في الآخرة صح النشور في الدنيا، فأَحيوا آباءنا، وهذا جهل من وجوه:

  أحدها: أن النشور للمجازاة، وهي في الآخرة دون الدنيا، ولا تجتمع المجازاة والتكليف.

  ومنها: أن الإحياء في دار الدنيا إنما يكون للمصلحة، فربما يكون مفسدة، فذلك غير موقوف على اقتراحهم.

  ومنها: أنه يجوز ذلك في الدنيا، إلا أنه لا يفعله.

  ومنها: بأي معنى جمعوا بين الأولى والأخرى، فهذا من أضعف الشبه.

  فلما تركوا الحجة، وعدلوا إلى الشبهة جهلاً عدل الكلام إلى الوعيد والوعظ، فقال - سبحانه -: «أَهُمْ» يعني مشركي مكة «خَيرٌ» أعز وأمنع وأكثر مالاً وعددًا «أَمْ قَوْمُ تُبَّعٍ» قيل: هو تُبَّع الحميري ساق الجيوش، وهدم سمرقند وبناها، عن قتادة، وقيل: ذم الله قومه ولم يذمه، عن كعب، وقيل: لا تسبوا تُبَّعًا، فإنه رجل صالح، عن