قوله تعالى: {حم 1 تنزيل الكتاب من الله العزيز الحكيم 2 إن في السماوات والأرض لآيات للمؤمنين 3 وفي خلقكم وما يبث من دابة آيات لقوم يوقنون 4 واختلاف الليل والنهار وما أنزل الله من السماء من رزق فأحيا به الأرض بعد موتها وتصريف الرياح آيات لقوم يعقلون 5}.
  ومرة رحمة، عن قتادة، وقيل: رخاؤها، وعُصُوفها، وحرارتها، وبرودتها «آيَاتٌ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ» ذلك، ويتدبرون فيه.
  · الأحكام: يدل قوله: {تَنْزِيلُ الْكِتَابِ} على حدوث القرآن؛ لأن ما كان قديمًا يستحيل عليه الإنزال.
  ويدل جميع ما ذكر على صانع حكيم، ووجه الدلالة من وجهين:
  أحدهما: ما يختلف من الأحوال ويتجدد، ولا يقدر عليها الواحد منا، فلا بد من صانع حكيم.
  والثاني: أن هذه الأشياء محدثة؛ لأنها لا تخلو من المحدثات، ولا تتقدمها، وإذا كانت محدثة فلا بد لها من مُحْدِثٍ، قادر عالم، حي، سميع بصير، قديم، ليس بجسم، ولا عرض، ولا يشبهه شيء، ولا يجوز عليه ما يختص الجسم كالجوارح والأعضاء، ولا يُدْرَكُ بشيء من الحواس، وأنه واحد ليس معه قديم، وأنه حكيم لا يفعل إلا الحسن، ولا يفعل القبيح، فيعلم أن القبيح فعل غيره، وإذا كَلَّفَ فلا بد أن يجازي، وإذا علم أن الشريعة لطف فلا بد أن يبين بأفعاله كما ذكر ما يدل على جميع صفاته، إما بنفسه، أو بواسطة، وتفصيل ذلك يطول، وهو مذكور في كتب المشايخ.
  وتدل على أن المعارف مكتسبة؛ إذ لو كانت ضرورية لكان نصب الدليل عبثًا.