قوله تعالى: {حم 1 تنزيل الكتاب من الله العزيز الحكيم 2 إن في السماوات والأرض لآيات للمؤمنين 3 وفي خلقكم وما يبث من دابة آيات لقوم يوقنون 4 واختلاف الليل والنهار وما أنزل الله من السماء من رزق فأحيا به الأرض بعد موتها وتصريف الرياح آيات لقوم يعقلون 5}.
  تعالى، والعزيز: القادر [الذي] لا يمتنع عليه شيء، وهو الحكيم العالم، يفعل الأشياء للحكمة، وقيل: هو من صفة الكتاب، أي: كتاب عزيز ممتنع، ولا يصل إليه بتحريف وتبديل ومعارضة أحدٌ، وهو حكيم يشتمل على الحكمة «إِنَّ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ لآيَاتٍ» أي: في خلقهما وإمساكهما وتسكينهما، وانتظام حالهما وترتيبهما بما فيهما دليل على مدبر صانع قادر عالم ليس بجسم، ولا يشبهه شيء، قال الحسن: مسافة كل سماء مسيرة خمسمائة عام، وما بين كل أرضين مسيرة خمسمائة عام، وكثافة كل أرض مسيرة خمسمائة عام، وبين كل أرضين خمسمائة عام [«للمؤمنين»] خصهم بالذكر؛ لأنهم يتدبرون فيها وينتفعون، وإلا فهو حجة على الجميع «وَفِي خَلْقِكُمْ» أي: في خلق البشر من كونه نطفة في الرحم الصورة العجيبة، وإحيائها، وتركيب الحواس والأعضاء، وتنقلها من حال إلى حال «وَمَا يَبُثُّ مِنْ دَابَّةٍ» أي: ما فَرَّقَ من الحيوانات في الأرض من أنواع مختلفة، وصور متفرقة «آيَاتٌ لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ، وَاخْتِلاَفِ اللَّيلِ وَالنَّهَارِ» أي: في اختلافهما، قيل: أحدهما يجيء خلف الآخر، وقيل: اختلافهما: أحدهما نور، والآخر ظلمة، وقيل: اختلاف حالهما من زيادة ونقصان «وَمَا أَنزَلَ اللَّه مِنَ السَّمَاءِ مِنْ رِزْقٍ» أي: سبب الرزق هو المطر «فأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا» أي: أحياها بالنبات بعد أن كانت بيضاء جُرُزًا لا نبات فيها، فشبهها بالحياة والموت توسعًا «وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ» جعلها مرة شَمالاً، ومرة صبا، ومرة جنوبًا، ومرة دَبُورًا، عن الحسن، وقيل: يجعلها مرة عذابًا،