قوله تعالى: {قل الله يحييكم ثم يميتكم ثم يجمعكم إلى يوم القيامة لا ريب فيه ولكن أكثر الناس لا يعلمون 26 ولله ملك السماوات والأرض ويوم تقوم الساعة يومئذ يخسر المبطلون 27 وترى كل أمة جاثية كل أمة تدعى إلى كتابها اليوم تجزون ما كنتم تعملون 28 هذا كتابنا ينطق عليكم بالحق إنا كنا نستنسخ ما كنتم تعملون 29 فأما الذين آمنوا وعملوا الصالحات فيدخلهم ربهم في رحمته ذلك هو الفوز المبين 30}.
  · المعنى: ثم رد الله تعالى عليهم قولهم، واحتج لصحة البعث، فقال - سبحانه -: «قُل» يا محمد لهم «اللَّهُ يُحْيِيكُمْ» في الدنيا «ثُمَّ يُمِيتُكُمْ» فيها، يعني من أحياكم ابتداء وأماتكم هو الذي يحييكم ثانيًا، فليس الثاني أعجب من الأول. «ثُمَّ يَجْمَعُكُمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ» لفصل القضاء وإيفاء الجزاء «لاَ رَيبَ فِيهِ» أي: لا شك «وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ» قيل: لا يعلمون الله حق معرفته، حتى يعلموا صحة البعث، وقيل: لا يعلمون الحق من الباطل، وقيل: لا يعملون أن من شرط حسن التكليف الإعادة والجزاء «وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ» أي: القيامة «يَوْمَئِذٍ يَخْسَرُ الْمُبْطِلُونَ» وهو القائل بالباطل، والمعتقد له، والعامل به، وإنما كان خاسرًا؛ لأنه يدخل النار فهلك نفسه، قيل: المبطل خاسر في الأحوال كلها، ولكن يظهر الخسران يوم القيامة «وَتَرَى كُلَّ أُمَّةٍ جَاثِيَةً» أي: جماعة، قيل: الملل المختلفة، عن ابن عباس، وقيل: أرباب الملل الباطلة والعصاة، عن الحسن، وأبي علي، وهو الوجه، وقيل: بل كل الأمم المؤمن والكافر يجثو على ركبتيه للخصومة، فالمؤمن يفعل ذلك ليخاصم الظلمة، فيظهر المحق من المبطل، فيزداد سرورا، والظالم يزداد غمًّا «جَاثِيَةً» باركة على ركبها، عن مجاهد، والضحاك، وابن زيد. «كُلُّ أُمَّةٍ» من أمم الأنبياء «تُدْعَى إِلَى كِتَابِهَا» قيل: الكتب التي فيها أعمالهم، كتبها الحفظة ليجازى عليها، عن الحسن، وقيل: كتابها المنزل على رسولها؛ ليسألوا عما عملوا به «الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ مَا كُنْتُمْ