التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {قل الله يحييكم ثم يميتكم ثم يجمعكم إلى يوم القيامة لا ريب فيه ولكن أكثر الناس لا يعلمون 26 ولله ملك السماوات والأرض ويوم تقوم الساعة يومئذ يخسر المبطلون 27 وترى كل أمة جاثية كل أمة تدعى إلى كتابها اليوم تجزون ما كنتم تعملون 28 هذا كتابنا ينطق عليكم بالحق إنا كنا نستنسخ ما كنتم تعملون 29 فأما الذين آمنوا وعملوا الصالحات فيدخلهم ربهم في رحمته ذلك هو الفوز المبين 30}.

صفحة 6390 - الجزء 9

  تَعْمَلُونَ» من الخير والشر «هَذَا كتَابُنَا يَنطِقُ عَلَيكُمْ بِالْحَقّ» قيل: ديوان الحفظة المعقود عليهم، وفيه شهادة الملائكة، وأضاف النطق إلى الكتاب توسعًا من حيث يفهم منه كما يفهم بالحي من النطق، وعن علي #: «تخرج لله ملائكة ينزلون في كل يوم يكتبون أعمال بني آدم»، عن ابن عباس، وقيل: تثبت، عن الضحاك، وقيل تكتب، عن السدي، وقيل تحفظ، عن الحسن، يعني تثبت منه، ثم يعارض ما كتبوه ما في اللوح المحفوظ، فما كان مباحًا أمر بمحوها، وما كان طاعة أو معصية أثبتوها «فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَيُدْخِلُهُمْ رَبُّهُمْ فِي رَحْمَتِهِ» أي: نعمته، وهي الجنة «ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ» الظفر «الْمبِينُ» الظاهر.

  · الأحكام: يدل قوله: {وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ} أن المحق في كل زمان هم الأقل، والأكثر مقلدة مبطلة.

  وتدل على أن المعارف مكتسبة.

  ويدل قوله: {الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ} على أن الثواب والعقاب جزاء على الأعمال، وأن تلك الأعمال فعل العبد ليس بخلق الله تعالى.

  ويدل قوله: {هَذَا كِتَابُنَا} أن أعمالهم مكتوبة محفوظة، وأنهم يشهدون عليهم، وفيه لطف للمكلف؛ لأن علمه بذلك يدعوه إلى التحرز عن المعاصي.