قوله تعالى: {وأما الذين كفروا أفلم تكن آياتي تتلى عليكم فاستكبرتم وكنتم قوما مجرمين 31 وإذا قيل إن وعد الله حق والساعة لا ريب فيها قلتم ما ندري ما الساعة إن نظن إلا ظنا وما نحن بمستيقنين 32 وبدا لهم سيئات ما عملوا وحاق بهم ما كانوا به يستهزئون 33 وقيل اليوم ننساكم كما نسيتم لقاء يومكم هذا ومأواكم النار وما لكم من ناصرين 34 ذلكم بأنكم اتخذتم آيات الله هزوا وغرتكم الحياة الدنيا فاليوم لا يخرجون منها ولا هم يستعتبون 35 فلله الحمد رب السماوات ورب الأرض رب العالمين 36 وله الكبرياء في السماوات والأرض وهو العزيز الحكيم 37}.
  ترفعتم عن استماعها، وأنفتم عن قبولها، وأعرضتم عن النظر فيها «وَكُنْتُمْ قَوْمًا مُجْرِمِينَ» مصرين على الآثام، «وِإذَا قِيلَ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ» بالجزاء «حَقٌّ» وصدق «وَالسَّاعَةُ لاَ رَيبَ فِيهَا» أي: لا شك في كونها «قُلْتُمْ» أيها الكافرون «مَا نَدْرِي مَا السَّاعَةُ» أي: لا ندري حديث القيامة أنه حق «إِنْ نَظُنُّ إِلَّا ظَنًّا» يعني من كثرة ما يردد على ألسنة الرسل والمؤمنين نظنه ولا نعلمه «وَمَا نَحْنُ بِمُسْتَيقِنِينَ» يعني لا نعلم يقينًا أنها كائنة «وَبَدَا لَهُمْ سَيِّئَاتُ مَا عَمِلُوا» قيل: ظهر أعمالهم القبيحة فكانوا يظنونها حسنة، وقيل: ظهر جزاء أعمالهم السيئة، وكانوا يعدونها طاعة «وَحَاقَ بِهِمْ» قيل: حل بهم، وقيل: وجب «مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُون» من العذاب، وقيل: وبال استهزائهم «وَقِيلَ الْيَوْمَ نَنْسَاكُمْ» قيل: نترككم في العذاب، عن ابن عباس، والنسيان لا يجوز عليه تعالى؛ لأنه عالم لذاته، ولكن تركناكم في العذاب كما تركتم الإيمان بيومكم هذا، وقيل: كما لم تحفظوا ما أنذرتم من لقاء هذا اليوم، كذلك لا تحفظون اليوم وتطرحون، والنسيان ضد الحفظ، والحفظ مراعاة الشيء، عن أبي مسلم، وقيل: نترككم في العذاب بمنزلة المنسي، عن أبي علي. «وَمَأْوَاكُمُ النَّارُ» أي: منزلكم ومقامكم فيها «وَمَا لَكُمْ مِنْ نَاصِرِينَ» ينجونكم من العذاب «ذَلِكُمْ» يعني هذا العذاب الذي أنزل بكم، «بِأَنَّكُمُ اتَّخَذْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ» أي: كتبه وحججه «هُزُوًا» أي: استهزاء ولعبًا «وَغَرَّتْكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا» أي: ملاذها وزينتها، وأضاف الغرور إليها توسعًا؛ لأنها سبب الغرور «فَالْيَوْمَ لاَ يُخْرَجُونَ مِنْهَا» أي: من العذاب «وَلاَ هُمْ يُسْتَعْتَبُونَ» أي: لا تقبل منهم العتبى، وهو إعطاء الرضا؛ لأنهم في حال إلجاء، وقيل: لا يسترضون بأن يطلب منهم الخروج مما وجب عليهم العتب لأجله، وهو التوبة، أي: لا يطلبون