قوله تعالى: {وقال الذين كفروا للذين آمنوا لو كان خيرا ما سبقونا إليه وإذ لم يهتدوا به فسيقولون هذا إفك قديم 11 ومن قبله كتاب موسى إماما ورحمة وهذا كتاب مصدق لسانا عربيا لينذر الذين ظلموا وبشرى للمحسنين 12 إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون 13 أولئك أصحاب الجنة خالدين فيها جزاء بما كانوا يعملون 14 ووصينا الإنسان بوالديه إحسانا حملته أمه كرها ووضعته كرها وحمله وفصاله ثلاثون شهرا حتى إذا بلغ أشده وبلغ أربعين سنة قال رب أوزعني أن أشكر نعمتك التي أنعمت علي وعلى والدي وأن أعمل صالحا ترضاه وأصلح لي في ذريتي إني تبت إليك وإني من المسلمين 15}
  وقيل: لم يكن أحد من أصحابه أسلم هو ووالداه وبنوه وبناته غير أبي بكر.
  · المعنى: ثم بَيَّنَ تعالى ما قاله كل فريق في القرآن وحالهم، فقال - سبحانه -: «وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا لَوْ كَانَ خَيرًا مَا سَبَقُونَا إِلَيهِ» قيل: هم اليهود قالوا: لو كان دين محمد خيرًا ما سبقنا إليه عبد الله بن سلام، وقيل: قوم من المشركين من قريش، قالوا: لو كان ما يدعونا إليه محمد خيرًا ما سبقنا إليه فلان وفلان، عن قتادة، وقيل: أسد وغطفان، عن الكلبي على ما ذكرنا في النزول، وقيل: هم رؤساء الضلال، قالوا: لو كان هذا خيرًا ما سَبَقَنَا إليه غيرنا لاستجماع الكمال لنا في المال والجاه والعقل، عن أبي مسلم، فرد الله عليهم، فقال - سبحانه -: «وَإِذْ لَمْ يَهْتَدُوا بِهِ» أي: أعرضوا عن القرآن ولم يتفكروا فيه حتى لم يهتدوا به كما اهتدى المؤمنون «فَسَيَقُولُونَ هَذَا إِفْكٌ» أي: كَذِبٌ «قَدِيمٌ» متقادم، قيل: أرادوا به المسيح كان اليهود كذبوه، فقالوا: هذا كذاب مثل ذلك، ونظيره: {أَسَاطِيرُ الأَوَّلِينَ}[الأنعام: ٢٥].
  ثم بَيَّنَ تعالى أنه كما أنزل هذا الكتاب أنزل قبله الكتاب، فقال - سبحانه -: «وَمِنْ قَبْلِهِ» أي: من قبل القرآن ونزوله «كِتَابُ مُوسَى» أنزله الله «إِمَامًا» يؤتم به في أمر الدين، ودلالة يهتدى بها «وَرَحْمَةً» أي: نعمة على العباد؛ لأنه يؤديهم إلى نعيم الأبد إن آمنوا به «وَهَذَا» يعني القرآن «كِتَابٌ مُصَدِّقٌ» يصدق الآيات والكتب، وقيل: لأنه ورد موافقًا لما فيها، وقيل: لأنه مخبر بأنها حق، وقيل: موافق لما فيه معنى وإن خالفه لفظا، «لِسَانًا عَرَبِيًّا» أي: بلغة العرب «لِيُنْذِرَ» ليخوف «الَّذِينَ ظَلَمُوا» بالعذاب «وَبُشْرَى لِلْمُحْسِنِينَ».