قوله تعالى: {واذكر أخا عاد إذ أنذر قومه بالأحقاف وقد خلت النذر من بين يديه ومن خلفه ألا تعبدوا إلا الله إني أخاف عليكم عذاب يوم عظيم 21 قالوا أجئتنا لتأفكنا عن آلهتنا فأتنا بما تعدنا إن كنت من الصادقين 22 قال إنما العلم عند الله وأبلغكم ما أرسلت به ولكني أراكم قوما تجهلون 23 فلما رأوه عارضا مستقبل أوديتهم قالوا هذا عارض ممطرنا بل هو ما استعجلتم به ريح فيها عذاب أليم 24 تدمر كل شيء بأمر ربها فأصبحوا لا يرى إلا مساكنهم كذلك نجزي القوم المجرمين 25}.
  ما أرسلت به «وَلَكِنِّي أَرَاكُمْ قَوْمًا تَجْهَلُونَ» يعني جهالاً بما أريكم أن تقبلوه، وقيل: جهالاً بربكم، وقيل: تجهلون في استعجال العذاب ..
  فلما أصروا على كفرهم جاءهم العذاب، فقال - سبحانه -: «فَلَمَّا رَأَوْهُ» الضمير قيل: يرجع إلى العذاب «عَارِضًا» قيل: سحابًا، وقيل: عذابًا في صورة السحاب، تجريه الريح، عن أبي مسلم، قيل: طلع ثلاث سحابات، وقيل: ساق الله إليهم سحابة سوداء من واد يقال له المغيث، وكانوا قد حبس عنهم المطر، فلما رأوها «مُسْتَقْبِلَ أَوْدِيَتِهِمْ» يعني تجيء إلى أوديتهم «قَالُوا هَذَا عَارِضٌ مُمْطِرُنَا» استبشروا، وقالوا: هذا غيث يمطر لنا، وقيل: ريح تمطر السحاب له، عن أبي مسلم، وقيل:
  طلع ثلاث سحابات، اختاروا السوداء، فنودوا اخترتم رمادًا رِمْدِدًا لا تبقي منكم أحدًا، لا والدًا ولا ولدا، إلا جَعَلَتْهُ همدا، أي: هالكًا «بَلْ هُوَ مَا اسْتَعْجَلْتُمْ بِهِ» من العذاب «رِيحٌ فِيهَا عَذَابٌ أَلِيمٌ» وجيع، وقيل: بل هو قول الله تعالى لا على سبيل الحكاية «تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ بِأَمْرِ رَبِّهَا» قيل: تهلكه، وقيل: تحرق، وألقى بعض الأشياء على بعض حتى تهلك، وقيل: اقتلعت الريح كل شيء منتصب، وقيل: كانت ترفع الظعينة حتى ترى كأنها جرادة، وعن ابن عباس: (أول ما عرفوا أنها عذاب ربهم رأوا ما كان خارجًا من ديارهم وغير ذلك تطير بهم الريح بين السماء والأرض، فدخلوا بيوتهم فغلقوا الأبواب، فقلعت الريح أبوابهم، وهدمت بيوتهم، وصرعتهم، وأمالت الريح الرمال عليهم حتى صاروا تحت الرمال، ثم كشفت عنهم الرمال وألقت بهم في البحر). {كُلَّ شَيْءٍ} من رجال عاد ونسائهم ومواشيهم وأموالهم {بِأَمْرِ رَبِّهَا} قيل: بإذنه، وقيل: بإهلاكه، فسمي فعله أمرًا؛ لأنه أبلغ في التعظيم «فَأَصْبَحُوا» أي: دخلوا في وقت الصباح «لاَ يُرَى» منهم شيء «إِلَّا مَسَاكِنُهُمْ» قائمة «كَذَلِكَ نَجْزِي الْقَوْمَ الْمُجْرِمِينَ».