قوله تعالى: {واذكر أخا عاد إذ أنذر قومه بالأحقاف وقد خلت النذر من بين يديه ومن خلفه ألا تعبدوا إلا الله إني أخاف عليكم عذاب يوم عظيم 21 قالوا أجئتنا لتأفكنا عن آلهتنا فأتنا بما تعدنا إن كنت من الصادقين 22 قال إنما العلم عند الله وأبلغكم ما أرسلت به ولكني أراكم قوما تجهلون 23 فلما رأوه عارضا مستقبل أوديتهم قالوا هذا عارض ممطرنا بل هو ما استعجلتم به ريح فيها عذاب أليم 24 تدمر كل شيء بأمر ربها فأصبحوا لا يرى إلا مساكنهم كذلك نجزي القوم المجرمين 25}.
  «وَاذْكُرْ» يا محمد «أَخَا عَادٍ» يعني هودًا فكان أخاهم نسبًا لا دينًا، «إِذْ أَنْذَرَ» خوف «قَوْمَهُ» وهم عاد، وكانت العرب تعرف ديارهم «بِالأَحْقَافِ» قيل: هو وادٍ [بين] عُمَان ومهرة، عن ابن عباس، وقيل: ما بين عمان إلى حضرموت، عن ابن إسحاق، وقيل: كانت منازل عاد باليمن في حضرموت يقال لها: مهرة، إليها تنسحب الجمال المَهْرِيَّةُ، يقال: إبل مَهْرِيَّة ومَهَارَى، وكانوا من إرم [وهم وأهل عمد] سيارة في الربيع، فإذا كان صيفًا عادوا [إلى] منازلهم، وقيل: الأحقاف جبل بالشام، عن الضحاك، وقيل: هو أرض جشمي، عن مجاهد، وقيل: كانوا حيًّا باليمن من أهل رمل مشرفين على البحر بأرض يقال لها: الشِّحْر، عن قتادة، وقيل: هي ما استطال من الرمل كهيئة الجبل، عن ابن زيد، وقيل: كانت منازلهم في الرمال، والأحقاف الرمال العظام، عن الخليل، وقيل: الأحقاف أرض خلالها رمال، عن الحسن. «وَقَدْ خَلَتِ» مضت «النُّذُرُ» يعني الرسل المنذرين المخوفين «مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ» أي: من قَبْلِ هود «وَمِنْ خَلْفِهِ» من بعده، وروي أن في قراءة ابن مسعود: (من بعده). «أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا اللَّهَ» أي: قال لهم ذلك هود «إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ» إن فعلتم ذلك «عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ» قيل: عقاب الآخرة، وقيل: عذاب الاستئصال، وكان من جوابهم أن «قَالُوا» لهود: «أَجِئْتَنَا لِتَأْفِكَنَا» تصرفنا «عَنْ آلِهَتِنَا» أي: عن الأوثان التي نعبدها، وإن كنت صادقًا «فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا» من العذاب «إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ» في ذلك يعني في العذاب، وقيل: في النبوة، وكان استعجالهم على وجه التكذيب، «قَال» هود «إِنَّمَا الْعِلْمُ عِنْدَ اللَّهِ» يعني هو يعلم وقت العذاب الذي تستعجلون به لا أنا، وإنما إليَّ تبليغ الرسالة، «وَأُبَلِّغُكُمْ مَا أُرْسِلْتُ بِهِ» إليكم، وقيل: فيه إضمار تقديره: أمرت أن أبلغكم