التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {فإذا أمنتم فمن تمتع بالعمرة إلى الحج فما استيسر من الهدي فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجعتم تلك عشرة كاملة}

صفحة 810 - الجزء 1

  والتمتع أصله: الاستمتاع، ومتعة الحج: أن يعتمر في أشهر الحج ثم يحل، ويتمتع بالإحلال يفعل ما يفعله الحلال غير أنه لا يعود إلى وطنه، ثم يحج في تلك السنة من غير رجوع إلى الميقات، وأصل التمتع التلذذ، ومنه المتاع لأنه يتلذذ به.

  · الإعراب: «فما استيسر» رفع لأنه خبر ابتداء محذوف، أي فعليه ما استيسر، ويحتمل النصب، أي فليفعل أو فليهد ما استيسر.

  · المعنى: ثم بَيَّنَ تعالى حكم المتمتع فقال: «فَإِذَا أَمِنْتُمْ» من الخوف «فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجّ» فعليه «فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ» وهو ما يهدى: بدنة أو شاة أو بقرة «فَمَنْ لَمْ يَجدْ» الهدي «فعليه صِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ» أي في أوقات الحج «وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ» إلى الأهل «تِلْكَ عَشَرَةٌ كَامِلَةٌ» قيًل: كاملة من الهدْي إذا وقعت بدلاً منه استكمل ثوابه، عن الحسن وأبي علي. وقيل: ذكر كاملة لزوال الإيهام أنه بمعنى التخيير: ثلاثة بالحج وسبعة إذا رجع؛ لأن الواو قد ترد بمعنى (أو) حكاه أبو القاسم والزجاج.

  وقيل: ذكر ذلك للتأكيد والتمكين في النفس فقيل: لفظه خبر، والمراد به الأمر، أي: أكملوها ولا تنقصوها، عن الأصم. وقيل: الخطاب للعرب، ولم يكونوا أهل حساب فبين بيانًا لا يخفى معه شيء، هذا كما روي أنه قال في الشهور: «هكذا وهكذا وهكذا»، وأشار بيده ثلاثًا، ثم أومأ بها ثلاثًا، وأمسك إبهامه في الثالثة منبهًا على الثلاثين، وفي الثاني على تسعة وعشرين.

  · الأحكام: الآية تدل على التمتع في الإحرام، وعلى أن من فعل ذلك فعليه هدْي، وإن لم