التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {فإذا أمنتم فمن تمتع بالعمرة إلى الحج فما استيسر من الهدي فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجعتم تلك عشرة كاملة}

صفحة 811 - الجزء 1

  يجد الهدي فعليه الصوم، ولا خلاف فيه، والخلاف فيما ينبني عليه من التفاصيل، فأما التمتع فقيل: إنه على أربعة أوجه:

  الأول: هو القِران، وهو أن يحرم بحجة وعمرة معًا؛ ثم يأتي بأفعال العمرة، ثم يأتي بأفعال الحج، وروى أنس أن النبي ÷ قرن، وقال عمر لجبير بن معبد حين سأله عن ذلك: «هديت لسنة نبيك»، ولأنه جمع بين عبادتين يجوز الجمع بينهما، والدم فيه دم نسك لا دم جبران؛ ولذلك يجوز أكله ثم يطوف طوافين ويسعى سعيين، ويلزمه بارتكاب المحظورات جزاءان عند أبي حنيفة، وعند الشافعي. طواف واحد، وسعي واحد، وجزاء واحد، وسمي القارن متمتعًا؛ لأنه جمع بين إحرامين في أشهر الحج، واستغنى عن سعي ينشئها لكل واحد منهما.

  الثاني: أن يأتي بالعمرة في أشهر الحج، ثم يحل ويحج في سنته من غير إلمام بأهله. ومن شرائطه أن تكون أفعال العمرة في أشهر الحج، وأن يقدمها على الحج، وأن يحج بعده، وألا يلم بأهله، وأن يحرم بالحج من مكانه لا من الميقات، وألا يكون أهله من حاضري المسجد الحرام، فهذه شروط التمتع المشهور عند الفقهاء، وروي ذلك عن ابن عباس وابن عمر وسعيد بن المسيب، وعليه الهدْي أيضًا، وهو دم نسك؛ لأنه يجوز الأكل منه كالأضحية، ولأنه وجب بسبب مباح، وهو فعل الحج والعمرة في سنته.

  الثالث: أن يفسخ الحج بالعمرة رواه جابر وأبو سعيد. الخدري أن النبي، ÷ أمرهم عام الفتح، وقد أهلوا بالحج لا ينوون غيره أن يعتمروا، ثم يحلوا إلي وقت الحج، قال أبو ذر: وإنما كان ذلك لأصحاب النبي ÷ ورضي اللَّه عنهم، وهذا الذي أنكره عمر في قوله: متعتان كانتا على عهد رسول اللَّه ÷ أنا أنهى عنهما، وأعاقب عليهما: متعة النكاح ومتعة الحج، وهو فسخ الحج بالعمرة، والنكاح المؤقت، وكلاهما منسوخ.