قوله تعالى: {ومنهم من يستمع إليك حتى إذا خرجوا من عندك قالوا للذين أوتوا العلم ماذا قال آنفا أولئك الذين طبع الله على قلوبهم واتبعوا أهواءهم 16 والذين اهتدوا زادهم هدى وآتاهم تقواهم 17 فهل ينظرون إلا الساعة أن تأتيهم بغتة فقد جاء أشراطها فأنى لهم إذا جاءتهم ذكراهم 18 فاعلم أنه لا إله إلا الله واستغفر لذنبك وللمؤمنين والمؤمنات والله يعلم متقلبكم ومثواكم 19}
  وهو متصل بما قبله، أي: فاعلم أنه لا ملجأ ولا مفزع عند قيام الساعة إلا الله، عن أبي العالية، وسفيان بن عيينة، وقيل: لا ناصر ذلك اليوم، ولا مالك غير الله.
  «وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ» قيل: الخطاب لغيره، وقيل: ليبشر به أمته، وقيل: المراد به الانقطاع إليه تعالى، وهي عبادة يستحق عليها الثواب، وقيل: استغفر كلما تذكرت الصغائر، وقيل: سل المغفرة لذنوب أمتك «وَاللَّهُ يَعْلَمُ مُتَقَلَّبَكُمْ وَمَثْوَاكُمْ» قيل: متقلبكم في أصلاب الآباء إلى أرحام الأمهات، ومثواكم مقامكم في الأرض، عن عكرمة، وقيل: متقلبكم من ظهر إلى بطن، ومثواكم: مقامكم في القبور، عن ابن كيسان، وقيل: متقلبكم: متصرفكم في الدنيا، ومثواكم: مصيركم إلى الجنة أو إلى النار، عن ابن عباس، والضحاك، وأبي مسلم، وقيل: متقلبكم: متصرفكم بالنهار، ومثواكم: مضجعكم بالليل بالنوم، عن ابن جرير، أي: لا يخفى عليه شيء من أحوالكم، وقيل: متقلبكم من حال المعصية إلى حال الطاعة، ومن الكفر إلى الإيمان، ومن الفسق إلى التقوى.
  · الأحكام: يدل قوله: {وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا} أن القوم لم يستمعوا للاسترشاد، وأنهم كانوا منافقين، وأنه ينبغي للعاقل أن يستمع ويتفكر؛ ليعلم الحق، وعن قتادة: هَؤُلَاءِ رجلان: رجل غفل عن الله فما انتفع بما سمع، ورجل لم يغفل عن الله فانتفع بما سمع.
  ويدل قوله: {وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدًى} أن زيادة الهدى الألطاف منه دون خلق الإيمان على ما تزعمه الْمُجْبِرَة.
  ويدل قوله: {فَاعْلَمْ} على وجوب العلم بِاللَّهِ تعالى وصفاته.