قوله تعالى: {ومنهم من يستمع إليك حتى إذا خرجوا من عندك قالوا للذين أوتوا العلم ماذا قال آنفا أولئك الذين طبع الله على قلوبهم واتبعوا أهواءهم 16 والذين اهتدوا زادهم هدى وآتاهم تقواهم 17 فهل ينظرون إلا الساعة أن تأتيهم بغتة فقد جاء أشراطها فأنى لهم إذا جاءتهم ذكراهم 18 فاعلم أنه لا إله إلا الله واستغفر لذنبك وللمؤمنين والمؤمنات والله يعلم متقلبكم ومثواكم 19}
  مطمع لهم في الخلود، ولا بد من الموت والبعث، وأنه لا نبي بعده ÷ ليؤمنوا به، عن أبي مسلم، وقيل: أشراطها: موت النبي، وانقطاع الوحي؛ إذ لا نبي بعده، فيعلم قرب القيامة، وقيل: أشراطها كثرة المال والتجارات، وشهادات الزور، وقطع الرحم، وكثرة اللئام، ولؤم الكرام، عن الكلبي، وعن النبي، ÷: «بادروا بالأعمال قبل طلوع الشمس من مغربها، والدجال، والدخان، والدابة، وخويصة أحدكم» يعني الموت «فَأَنَّى لَهُمْ إِذَا جَاءَتْهُمْ ذِكْرَاهُمْ» يعني فمن أين لهم الذكر والاتعاظ والتوبة إذا جاءتهم الساعة؟ والذكرى: ما أمر الله عباده أن يتذكروا به، قيل: (أنى) بمعنى متى يكون ذكراهم إذا لم يتفكروا في الدنيا، وقيل: (أنى) بمعنى كيف، والمراد نفي الانتفاع بالذكرى «فاعلَمْ» أدخل الفاء فيه؛ لأنه في معنى المجازاة، تقديره: بَيّنا السبيل وأقمنا الدليل «فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ» فيه قولان:
  أحدهما: أنه خطاب لغير النبي ÷ وتقديره: فاعلم أيها السامع، وقيل: الخطاب له والمراد أمته، ونظائره يكثر، كقوله: {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ}[الطلاق: ١].
  والثاني: أن الخطاب للنبي ÷، ثم اختلفوا، فقيل: معناه اثبت على العلم في المستقبل، كقوله: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا آمِنُوا}[النساء: ١٣٦] عن أبي علي، وقيل: فاعلم إذا جاءت القيامة، فلا كلمة تنفع مثل كلمة لا إله إلا الله، وقيل: أخبر بموته فاغتم، فقيل له: فاعلم أن الحي الذي لا يموت هو الله وحده، وقيل: فاعلم بمعنى فاشهد؛ لأن الشهادة تتبع العلم، وقيل: ازدد علمًا إلى علمك، وقيل: كان يضيق صدره من أذى الكفار، فقيل: فاعلم أنه لا كاشف لذلك غير الله - تعالى،