التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {ويقول الذين آمنوا لولا نزلت سورة فإذا أنزلت سورة محكمة وذكر فيها القتال رأيت الذين في قلوبهم مرض ينظرون إليك نظر المغشي عليه من الموت فأولى لهم 20 طاعة وقول معروف فإذا عزم الأمر فلو صدقوا الله لكان خيرا لهم 21 فهل عسيتم إن توليتم أن تفسدوا في الأرض وتقطعوا أرحامكم 22 أولئك الذين لعنهم الله فأصمهم وأعمى أبصارهم 23 أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها 24 إن الذين ارتدوا على أدبارهم من بعد ما تبين لهم الهدى الشيطان سول لهم وأملى لهم 25}

صفحة 6458 - الجزء 9

  وسَوَّلَ: مأخوذ من التسويل، وسولت له الشيء: زينت حتى صار سُؤْلَهُ، أمنيته.

  والإملاء: الإمهال، وتطويل المدة، يقال: أقام مَلاَوَةً من دهر، أي: حينًا، وأمليت: أَخَّرْتُ، ومنه قيل للصحراء الواسعة: المَلاَ.

  · الإعراب: {أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ} استفهام، والمراد التوبيخ والتقريع.

  و {أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا} عطف على لفظ الاستفهام، تقديره: أفلا يتدبرون أم على قلوب أقفالها؟

  وفي رفع {طَاعَةٌ وَقَوْلٌ مَعْرُوفٌ} وجهان:

  أحدهما: أنه خبر ابتداء محذوف، وتقديره: طاعة أحسن وأولى بالحق من أحوال هَؤُلَاءِ المنافقين.

  {خَيْرًا} خبر (كان)، والاسم مضمر، تقديره: لكان التصديق خيرًا، يدل عليه قوله: {فَلَوْ صَدَقُوا اللَّهَ}.

  · النزول: قيل: في قوله: {فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ} نزل في بني أمية وبني هاشم، عن الفراء. والأصم.

  · المعنى: ثم بَيَّنَ تعالى صفة المنافقين فقال - سبحانه -: «وَيَقُولُ الَّذِينَ آمَنُوا» اشتياقًا إلى الوحي، وحرصًا على الجهاد «لَوْلاَ نُزِّلَتْ سُورَةٌ» بأمر الجهاد «فَإِذَا أُنْزِلَتْ سُورَةٌ مُحْكَمَةٌ» بالأمر والنهي، قال قتادة: كل سورة ذكر فيها الجهاد فهي محكمة، وهي