قوله تعالى: {ذلك بأنهم قالوا للذين كرهوا ما نزل الله سنطيعكم في بعض الأمر والله يعلم إسرارهم 26 فكيف إذا توفتهم الملائكة يضربون وجوههم وأدبارهم 27 ذلك بأنهم اتبعوا ما أسخط الله وكرهوا رضوانه فأحبط أعمالهم 28 أم حسب الذين في قلوبهم مرض أن لن يخرج الله أضغانهم 29 ولو نشاء لأريناكهم فلعرفتهم بسيماهم ولتعرفنهم في لحن القول والله يعلم أعمالكم 30}
  اتَّبَعُوا مَا أَسْخَطَ اللَّهَ» من الكفر والفسق «وَكَرِهُوا رِضْوَانَهُ» أي: سبب رضوانه، وهو الإيمان والطاعة «فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ» قيل: أبطل ما عملوا في كيد النبي ÷ والمسلمين، وأظهره عليهم، وقيل: أحبط ثواب أعمالهم التي هي محاسن عقلية، كصلة الرحم، وفك الأسارى، وقِرى الضيف، وبر الأقارب، والإنصاف، ورد الأمانة، وترك القبائح «أَمْ حَسِبَ» ظن «الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ» شَكٌّ ونفاق، وقيل: غموا بما يرون من أمر رسول الله ÷ «أَنْ لَنْ يُخْرِجَ اللَّهُ أَضْغَانَهُمْ أي: أحقادهم، وبغضهم للنبي والمؤمنين «وَلَوْ نَشَاءُ لَأَرَيْنَاكَهُمْ» لأعلمناكهم «فَلَعَرَفْتَهُمْ بِسِيمَاهُمْ» بعلاماتهم وصفتهم، وروى أنس قال: (ما خفي على رسول الله ÷ بعد نزول هذه الآية شيء من المنافقين)، «وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ» أي: فيما يظهر من مخازي كلامهم، وقيل: في معنى القول، عن ابن عباس، وقيل: في فحواه، عن الحسن، وقيل:
  لحن القول في المعاذير الكاذبة، كقولهم: {إِنْ أَرَدْنَا إِلَّا الْحُسْنَى}[التوبة: ١٠٧] عن الحسن، واختلفوا، فقيل: أرادوا إظهار الضغائن والعداوة، وقيل: أراد إظهار النفاق «وَاللَّهُ يَعْلَمُ أَعْمَالَكُمْ» أي: لا ينفعكم كتمانه، فإنه تعالى يعلمه ويجازي عليه.
  · الأحكام: يدل قوله: {لِلَّذِينَ كَرِهُوا} أن كراهة ما نزل الله كفر.
  ويدل قوله: «يضربون» أن عند النزع يعذب الكفار بخلاف المؤمن، فإنه يُبَشَّرُ.
  ويدل قوله: {مَا أَسْخَطَ اللَّهَ} أن الكفر والمعاصي تسخطه، خلاف قول الْمُجْبِرَة: إنه يرضاه، وكذلك قوله: {وَكَرِهُوا رِضْوَانَهُ} يبطل مذهبهم؛ لأن الله يكره الكفر والمعاصي، وعندهم أن الله يرضاه؛ لأنه خلقه، فقد كرهوا رضوانه.
  وقوله: {فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ} يدل على التحابط، وأنه فعل للعبد.