قوله تعالى: {ذلك بأنهم قالوا للذين كرهوا ما نزل الله سنطيعكم في بعض الأمر والله يعلم إسرارهم 26 فكيف إذا توفتهم الملائكة يضربون وجوههم وأدبارهم 27 ذلك بأنهم اتبعوا ما أسخط الله وكرهوا رضوانه فأحبط أعمالهم 28 أم حسب الذين في قلوبهم مرض أن لن يخرج الله أضغانهم 29 ولو نشاء لأريناكهم فلعرفتهم بسيماهم ولتعرفنهم في لحن القول والله يعلم أعمالكم 30}
  وسمي التعريض لحنا؛ لأنه ذهاب بالكلام إلى غير جهته، وتسمى اللغة لحنًا، ومنه قول عمر: (تعلموا اللحن كما تعلموا القرآن) يعني اللغة، ويحتمل التعريض، وقوله: (أُبَيٌّ أقرؤنا، وإِنّا لَنَرْغَبُ عن كثير من لحنه أي: من لُغَتِهِ).
  وأما الخطأ: فهو إزالة الإعراب عن جهته، والفعل منه لَحَنَ يَلْحَنْ لحنًا، فهو لاحِنٌ، وذكر أبو عبيد في قول عمر: (تعلموا اللحن أي: الخطأ). وحمل الجاحظ (ويلحن أحيانًا) على الخطأ، وليس بالوجه، والصحيح ما ذكرناه أولاً.
  · المعنى: ثم بَيَّنَ تعالى سبب استيلاء الشيطان عليهم، وقبولهم عنه، فقال - سبحانه -: «ذَلِكَ» إشارة إلى تسويل الشيطان، يعني إنما تمكن الشيطان منهم، وقبلوا منه؛ لما في قلوبهم من الكيد والخيانة للرسول، ولولا ذلك لما قبلوا منه «بِأَنَّهُمْ» يعني المنافقين، وقد تقدم ذكرهم، وقيل: كفار أهل الكتاب، وقيل: الَّذِينَ ارتدوا «قَالُوا لِلَّذِينَ كَرِهُوا مَا نَزَّلَ اللَّهُ» وهم المشركون «سَنُطِيعُكُمْ فِي بَعْضِ الْأَمْرِ» يعني في مخالفة محمد، وفي القعود عن الجهاد «وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِسْرَارَهُمْ» أي: يعلم ما يخفون في ضمائرهم «فَكَيْفَ إِذَا تَوَفَّتْهُمُ الْمَلَائِكَةُ» فحذف لدلالة الكلام عليه، وفي معنى توفتهم الملائكة، أي: يقبضون أرواحهم عند الموت «يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبَارَهُمْ» عقوبة لهم وفضيحة، فعبر بالوجه عما أقبل من أجسادهم، وبالأدبار عما أدبر منها، وأراد إيصال الآلام إليهم من كل جهة «ذَلِكَ» أي: ما تقدم ذكره من العذاب إنما نالهم، «بِأَنَّهُمُ