قوله تعالى: {ويعذب المنافقين والمنافقات والمشركين والمشركات الظانين بالله ظن السوء عليهم دائرة السوء وغضب الله عليهم ولعنهم وأعد لهم جهنم وساءت مصيرا 6 ولله جنود السماوات والأرض وكان الله عزيزا حكيما 7 إنا أرسلناك شاهدا ومبشرا ونذيرا 8 لتؤمنوا بالله ورسوله وتعزروه وتوقروه وتسبحوه بكرة وأصيلا 9 إن الذين يبايعونك إنما يبايعون الله يد الله فوق أيديهم فمن نكث فإنما ينكث على نفسه ومن أوفى بما عاهد عليه الله فسيؤتيه أجرا عظيما 10}
  ثم عاد إلى خطاب الأمة، وذكر الأمر بطاعة الرسول، وتسبيح الله - سبحانه، ثم عقبه بذكر الَّذِينَ بايعوه، وحثهم على إتمام طاعته فيها، فقال - سبحانه -: «إِنَّ الَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ» قيل: هذه المبايعة هي معاقدة على السمع والطاعة، كالمعاقدة في البيع والشراء، وقيل: إنها معاقدة على بيع أنفسهم بالجنة، وقيل: هو بيعة الحديبية، عن مجاهد، وقتادة، وهي بيعة الرضوان حين بايعوا رسول الله ÷ على الموت «إِنَّمَا يُبَايِعُونَ اللَّهَ» قيل: لطلب رضاه، وقيل: بيعة الرسول تكون بيعة للّه «يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ» قيل: عقد الله في هذه البيعة فوق عقدهم؛ لأنهم بايعوا الله ببيعة نبيه، فكأنهم بايعوه من غير واسطة، عن السدي، وقيل: قوة الله في نصرة نبيه فوق نصرتهم إياه، عن ابن كيسان، وقيل: نعمة الله عليهم بنبيه وبالهداية فوق أيديهم بالطاعة والمبايعة، عن الكلبي. وقيل: يد الله بالمعونة والحفظ فوق أيديهم بمعونة رسوله، وليس المراد الجارحة؛ لأنها جسم، والله تعالى ليس بجسم، وقيل: «يَدُ اللَّهِ» بالثواب، وما وعدهم على بيعتهم {فَوْقَ أَيْدِيهِمْ} بالوفاء والصدق، عن ابن عباس، ويجوز أن تَجْعَلَ «يَدُ اللَّهِ»، أي: يد رسول الله، فأضافه إلى يده تفخيمًا، كقوله: {إِنَّ الَّذِينَ يُؤذُونَ اللَّهَ}[الأحزاب: ٥٧] يعني أولياء الله يده في هذه البيعة معهم أعظم من يدهم في البيعة معه «فَمَنْ نَكَثَ» أي: نقض عهده «فَإِنَّمَا يَنْكُثُ عَلَى نَفْسِهِ» أي: يرجع وبال ذلك النكث عليه؛ لأنه يعاقب به، وقيل: النكث الرجوع عما بذل من الضمان في النصرة «وَمَنْ أَوْفَى بِمَا عَاهَدَ عَلَيْهُ اللَّهَ» قيل: بما بايع عليه وافيًا، أي: تامًا، يعني وفى بالبيعة، وقام بما ضمن من النصرة «فَسَيُؤْتِيهِ» سيعطيه «أَجْرًا عَظِيمًا» أي: ثوابًا جزيلًا.