التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {ويعذب المنافقين والمنافقات والمشركين والمشركات الظانين بالله ظن السوء عليهم دائرة السوء وغضب الله عليهم ولعنهم وأعد لهم جهنم وساءت مصيرا 6 ولله جنود السماوات والأرض وكان الله عزيزا حكيما 7 إنا أرسلناك شاهدا ومبشرا ونذيرا 8 لتؤمنوا بالله ورسوله وتعزروه وتوقروه وتسبحوه بكرة وأصيلا 9 إن الذين يبايعونك إنما يبايعون الله يد الله فوق أيديهم فمن نكث فإنما ينكث على نفسه ومن أوفى بما عاهد عليه الله فسيؤتيه أجرا عظيما 10}

صفحة 6485 - الجزء 9

  وقيل: أراد بالأول أنه لو أراد إهلاكهم بجنود السماء قدر عليه، وبالثاني: أنه لو أراد إهلاكهم بجنود الأرض قدر عليه.

  وقيل: أراد بالأول أنه يقدر على إهلاكهم بما شاء؛ لكنه أراد الابتلاء ليستحق المؤمن الثواب. وبالثاني أراد الانتقام بهم، ولكن ينظر الكافر فيؤمن.

  «إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ» يا محمد.

  ثم جمع [في] وصفه جميع ما بعث لأجله، فقال - سبحانه -: «شَاهِدًا» عليهم بأنه بلغهم، وأزاح عللهم، وقبول مَنْ قَبِلَ، ورد من ود «وَمُبَشِّرًا» للمطيعين بالجنة، فيتضمن ذلك الطاعات «وَنَذِيرًا» أي: مخوفًا للعصاة بالنار، ففيه بيان المعاصي، وفي الآية ذكر الوعد والوعيد «لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ» أي: جعلناك لطفًا؛ لكي تؤمنوا بِاللَّهِ «وَرَسُولِهِ وَتُعَزِّرُوهُ» قيل: تعظموه، وقيل: تنصروه، وقيل: «تُعَزِّرُوهُ» [أي] وتنصروه، «وَتُوَقّرُوهُ» تعظموه، عن قتادة، وقيل: لتقاتلوا معه بالسيف، عن عكرمة، وقيل: تعزروه: تمنعوه من الأعداء، عن أبي مسلم. «وَتُسَبِّحُوهُ» قيل: الوقف على قوله: «وتوقروه» وقد تم، ثم يبتدئ: «وتسبحوه» أي: تنزهوا الله سبحانه، وقيل: هو عبارة عن الدوام، والتسبيح: التنزيه، وهذا كله على أن الكناية في (تسبحوه) تعود على اسم الله تعالى، وقيل: الكناية تعود على اسم الرسول، فيتصل بما قبله، ولا يكون ثَمَّ وَقْفٌ، أي: تنزهوا الرسول عما لا يليق به كما يقوله الحشوية على يوسف وداوود وسليمان وغيرهم من الأنبياء $، وقيل: تابعوا الصلاة عليه، وقيل: هذا من تلوين الخطاب، وذلك الغاية في الفصاحة؛ لأنه ابتدأ الخطاب إليه.