قوله تعالى: {سيقول لك المخلفون من الأعراب شغلتنا أموالنا وأهلونا فاستغفر لنا يقولون بألسنتهم ما ليس في قلوبهم قل فمن يملك لكم من الله شيئا إن أراد بكم ضرا أو أراد بكم نفعا بل كان الله بما تعملون خبيرا 11 بل ظننتم أن لن ينقلب الرسول والمؤمنون إلى أهليهم أبدا وزين ذلك في قلوبكم وظننتم ظن السوء وكنتم قوما بورا 12 ومن لم يؤمن بالله ورسوله فإنا أعتدنا للكافرين سعيرا 13 ولله ملك السماوات والأرض يغفر لمن يشاء ويعذب من يشاء وكان الله غفورا رحيما 14 سيقول المخلفون إذا انطلقتم إلى مغانم لتأخذوها ذرونا نتبعكم يريدون أن يبدلوا كلام الله قل لن تتبعونا كذلكم قال الله من قبل فسيقولون بل تحسدوننا بل كانوا لا يفقهون إلا قليلا 15}
  وقيل: غنائم مطلقة إذا ظنوا أن المسلمين غالبون غانمون «لِتَأْخُذُوهَا» أي: تلك الغنائم «ذَرُونَا نَتَّبِعْكُمْ» قيل: إلى تلك الغنائم «يُرِيدُونَ أَنْ يُبَدِّلُوا كَلَامَ اللَّهِ» قيل: ما وعد الله أهل الحديبية أن غنيمة خيبر لهم خاصة، عن مِجاهد، وقتادة، وقيل: النفير في قوله: {فَقُلْ لَنْ تَخْرُجُوا مَعِيَ أَبَدًا وَلَنْ تُقَاتِلُوا مَعِيَ عَدُوًّا}[التوبة: ٨٣] عن الحسن، وابن زيد، وأبي علي، وأبي مسلم، وأنكر ذلك بعضهم قال: وذلك لأن هذا نزل بعد خيبر، وبعد فتح مكة عن غزوة تبوك.
  ومتى قيل: أي القولين أولى؟
  قلنا: أن تحمل على قوله: «قُلْ لَنْ تَتَّبِعُونَا»؛ لأنه منصوص عليه؛ ولذلك قال تعالى: «كَذَلِكُمْ قَالَ اللَّهُ مِنْ قَبْلُ» يعني قال: {لَنْ تَخْرُجُوا مَعِيَ أَبَدًا وَلَنْ تُقَاتِلُوا مَعِيَ عَدُوًّا}[التوبة: ٨٣]، فهذا نص صريح، وما يروون من حديث خيبر من الآحاد، والله تعالى قال: {يُرِيدُونَ أَنْ يُبَدِّلُوا كَلَامَ اللَّهِ}.
  ومتى قيل: هل أرادوا الغنيمة أو تبديل الكلام؟
  قلنا: يجوز أن يكونوا أرادوا الغنيمة؛ لكن يكون فيه تبديل الكلام، ويجوز أن يكونوا ظنوا أن رسول الله ÷ نسي ذلك، ويجوز أنهم أرادوا تكذيبه لتصير شبهة في نبوته.
  ومتى قيل: كيف يبدلون هم كلام الله؟
  قلنا: إذا أخبر الله - سبحانه - بخبر وشَرَّعَ فيهم أنهم لا يخرجون معه بقوله: {لَنْ تَخْرُجُوا مَعِيَ أَبَدًا}[التوبة: ٨٣] فإذا خرجوا كان ذلك تبديلاً لكلام الله تعالى.
  ومتى قيل: تلك الآية نزلت في المتخلفين عن تبوك، وهَؤُلَاءِ تخلفوا عن الحديبية؟