قوله تعالى: {قل للمخلفين من الأعراب ستدعون إلى قوم أولي بأس شديد تقاتلونهم أو يسلمون فإن تطيعوا يؤتكم الله أجرا حسنا وإن تتولوا كما توليتم من قبل يعذبكم عذابا أليما 16 ليس على الأعمى حرج ولا على الأعرج حرج ولا على المريض حرج ومن يطع الله ورسوله يدخله جنات تجري من تحتها الأنهار ومن يتول يعذبه عذابا أليما 17 لقد رضي الله عن المؤمنين إذ يبايعونك تحت الشجرة فعلم ما في قلوبهم فأنزل السكينة عليهم وأثابهم فتحا قريبا 18 ومغانم كثيرة يأخذونها وكان الله عزيزا حكيما 19 وعدكم الله مغانم كثيرة تأخذونها فعجل لكم هذه وكف أيدي الناس عنكم ولتكون آية للمؤمنين ويهديكم صراطا مستقيما 20}
  - سبحانه -: «قُلْ» يا محمد «لِلْمُخَلَّفِينَ مِنَ الْأعرَابِ» قيل: عن تبوك، عن أبي علي، وقيل: عن الحديبية، وقيل: كل من تخلف عن غزواته من غير عذر، وهو الوجه لعموم اللفظ «سَتُدْعَوْنَ» اختلفوا في هذا الداعي، قيل: النبي ÷، وهذا لا يصح لما بينا من قوله: {فَقُلْ لَنْ تَخْرُجُوا مَعِيَ أَبَدًا}[التوبة: ٨٣]، وقيل: أبو بكر وعمر، وعليه أكثر المفسرين، دعوا إلى حرب فارس والروم، وقيل: هو أمير المؤمنين دعا إلى حرب معاوية، وقيل: إنه لا يصح لقوله: {أَوْ يُسْلِمُونَ} ولأن المخلفين بايعوا أو أكثرهم «إِلَى قَوْمٍ أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ» أي: قوة وشدة، وقيل: هم فارس، عن ابن عباس، وعطاء بن أبي رباح، وعطاء الخراساني، وعبد الرحمن بن أبي ليلى، ومجاهد، وقيل: هم الروم، عن كعب، وقيل: فارس والروم، عن الحسن، وقيل: هوازن، عن عكرمة، وقيل: هوازن وثقيف، عن سعيد بن جبير، وقيل: هوازن وغطفان يوم حنين، عن قتادة، وقيل: بنو حنيفة مع مسيلمة الكذاب، عن الزهري، ومقاتل، وقال رافع بن خديج: كنا نقرأ هذه الآية فلا نعلم لمن هي حتى دعا أبو بكر إلى قتال بني حنيفة، فعلمنا أنهم هم «تُقَاتِلُونَهُمْ» أي: تحاربونهم «أَوْ يُسْلِمُونَ» قيل: يقرون بالإسلام ويقبلونه، وقيل: ينقادرن لكم «فَإِنْ تُطِيعُوا» هذا الداعي «يُؤْتِكُمُ اللَّهُ أَجْرًا حَسَنًا» وهو الجنة «وَإنْ تَتَوَلَّوْا كمَا تَوَلَّيتُم مِنْ قَبْلُ» أي: أعرضتم عن طاعة الرسول فيما دعاكم إليه من الخروج «يُعَذِّبْكُمْ عَذَابًا ألِيمًا» وجيعًا، وهو عذاب النار.
  ومتى قيل: إذا نهاهم عن الخروج معه فهلا مُنِعُوا بعد وفاته أيضًا؟
  قلنا: المصالح تختلف، ولأنه كان يعلم مكائدهم في أيامه، وإذا قوي الإسلام ذلوا وخافوا، وتركوا ذلك.
  «لَيْسَ عَلَى الْأَعْمَى حَرَجٌ» أي: ضيق في التخلف عن الجهاد «وَلاَ عَلَى الأعرَجِ