التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {قل للمخلفين من الأعراب ستدعون إلى قوم أولي بأس شديد تقاتلونهم أو يسلمون فإن تطيعوا يؤتكم الله أجرا حسنا وإن تتولوا كما توليتم من قبل يعذبكم عذابا أليما 16 ليس على الأعمى حرج ولا على الأعرج حرج ولا على المريض حرج ومن يطع الله ورسوله يدخله جنات تجري من تحتها الأنهار ومن يتول يعذبه عذابا أليما 17 لقد رضي الله عن المؤمنين إذ يبايعونك تحت الشجرة فعلم ما في قلوبهم فأنزل السكينة عليهم وأثابهم فتحا قريبا 18 ومغانم كثيرة يأخذونها وكان الله عزيزا حكيما 19 وعدكم الله مغانم كثيرة تأخذونها فعجل لكم هذه وكف أيدي الناس عنكم ولتكون آية للمؤمنين ويهديكم صراطا مستقيما 20}

صفحة 6498 - الجزء 9

  فإن مالك بن عوف النضري، وعيينة بن حصن الفزاري مع بني أسد وغطفان جاؤوا لنصرة اليهود من خيبر، فقذف الله الرعب في قلوبهم فانصرفوا، «وَلِتَكُونَ آيَةً لِلْمُؤْمِنِينَ» أي: حجة وعلامة، قيل: هزيمتهم وسلامتكم حجة للمؤمنين يعلموا أن الله ينصرهم ويحفظهم، وقيل: لتكون الغنيمة المعجلة دليلاً على صحة وعد الله، عن أبي مسلم، وقيل: لتكون هذه الغنائم على ما وعدكم أنه يصدق رسوله، عن أبي علي. «وَيَهْدِيَكُمْ صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا» قيل: يدلكم إلى الإسلام، وهو الطريق المستقيم، عن أبي علي، وقيل: يدلكم بذلك إلى طريق التوكل والتفويض لتثقوا بِاللَّهِ في جميع أموركم، وقيل: يثيبكم علي الإسلام بألطافه، وقيل: ليزيدكم بصيرة بفتح خيبر، فإنه ÷ رجع عن الحديبية إلى المدينة، وأقام بها بقية ذي الحجة وبعضًا من محرم، ثُمَّ خرج إلى خيبر، وفتح حصنًا حصنًا، كحصن أُبي وناعم والقَمُوص، وصالحه أهل فدك، وكان ذلك للنبي، وفتح حصن كنانة بن أبي الحقيق زوج صفية بنت حيي، وقيل: كنانة، وأخرجت صفية، وأعتقها رسول الله ÷ وتزوج بها.

  · الأحكام: يدل قوله: {قُلْ لِلْمُخَلَّفِينَ} على معجزة للنبي ÷؛ لأنه أخبر عن مغيب، فوجد مخبره على وفق خبره.

  وتدل الآيات على وجوب إجابة داعي الحق، وقد بينا ما قيل فيه، والأكثر على أن الداعي أبو بكر وعمر، والمدعو إليهم فارس والروم، وهوازن وثقيف؛ لأنهم كانوا بهذه الصفة في العدد والعدة.