قوله تعالى: {قل للمخلفين من الأعراب ستدعون إلى قوم أولي بأس شديد تقاتلونهم أو يسلمون فإن تطيعوا يؤتكم الله أجرا حسنا وإن تتولوا كما توليتم من قبل يعذبكم عذابا أليما 16 ليس على الأعمى حرج ولا على الأعرج حرج ولا على المريض حرج ومن يطع الله ورسوله يدخله جنات تجري من تحتها الأنهار ومن يتول يعذبه عذابا أليما 17 لقد رضي الله عن المؤمنين إذ يبايعونك تحت الشجرة فعلم ما في قلوبهم فأنزل السكينة عليهم وأثابهم فتحا قريبا 18 ومغانم كثيرة يأخذونها وكان الله عزيزا حكيما 19 وعدكم الله مغانم كثيرة تأخذونها فعجل لكم هذه وكف أيدي الناس عنكم ولتكون آية للمؤمنين ويهديكم صراطا مستقيما 20}
  ومتى قيل: فوجب أن يكون نصًّا على إمامتهما؟
  قلنا: ذلك لا يكون نصًا على إمامتهما، ولأنه نص على الوصف دون المعنى؛ لأنه لم يبين مَنْ الداعي، فاختاروه، وعلمنا بالآية وجوب طاعته، فعلمنا صحة الاختيار، وكونه إمامًا على هذا الترتيب، فهكذا ذكره مشايخ أهل العدل.
  وتدل على وجوب طاعته فيما دعا إليه ووعيد من تخلف عنه.
  ومتى قيل: أليس الجهاد من فروض الكفايات؟
  فلنا: عنه جوابان:
  أحدهما: أنه كان بالمسلمين قلة في ذلك الوقت، فلزم الجميع فرض الجهاد.
  وثانيهما: أن عند دعاء الداعي يتعين، فيلحق الوعيد بتركه.
  وتدل على زوال فرض الجهاد بالأعذار، وكذلك في جميع التكليف، وإذا سقط لعذر، فَلِعَدَمِ القدرة وخلق ضدها فيه أولى أن يسقط، فمن هذا الوجه يبطل قول الْمُجْبِرَة في المخلوق والاستطاعة.
  ويدل قوله: {لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ} أن جميعهم كانوا من أهل الرضا؛ لذلك أطلق المدح والرضا.
  وتدل أن باطنهم كان كظاهرهم، بخلاف ما تقوله الرافضة أن أكثرهم كانوا منافقين.