قوله تعالى: {ياأيها الذين آمنوا لا تقدموا بين يدي الله ورسوله واتقوا الله إن الله سميع عليم 1 ياأيها الذين آمنوا لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي ولا تجهروا له بالقول كجهر بعضكم لبعض أن تحبط أعمالكم وأنتم لا تشعرون 2 إن الذين يغضون أصواتهم عند رسول الله أولئك الذين امتحن الله قلوبهم للتقوى لهم مغفرة وأجر عظيم 3 إن الذين ينادونك من وراء الحجرات أكثرهم لا يعقلون 4 ولو أنهم صبروا حتى تخرج إليهم لكان خيرا لهم والله غفور رحيم 5}
  فأما قوله: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ} قيل: نزلت في ثابت بن قيس بن شماس، وكان جهوري الصوت، وفي أذنه وقر، فإذا كلم رسول الله ÷ رفع صوته، فلما نزلت جعل يبكي ويقول: أنا من يرفع صوته، هلكت والله، فقال له النبي ÷: لا: «أما ترضى أن تعيش حميدًا، وتقتل شهيدًا»؟، فقال: رضيت ولا أرفع صوتي بعد هذا، فنزلت الآية: {إِنَّ الَّذِينَ يَغُضُّونَ أَصْوَاتَهُمْ}. وقتل: في حرب اليمامة.
  وقيل: إن أناسًا من الأعراب كانوا إذا أتوه يناجونه: يا محمد، فأنزل اللَّه - تعالى - هذه الآية، وأمرهم أن يقولوا: يا رسول الله بتعظيم، عن سعيد بن جبير.
  وقيل: نزلت في قوم رفعوا أصواتهم بالقراءة خلف رسول الله.
  وقيل: نزلت في وفد بني تميم، ويذكر بعد هذا.
  وقيل: لما نزل {لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ} ما كلم أبو بكر ولا عمر إلا كأخي السِّرَار، فنزل فيهما: {إِنَّ الَّذِينَ يَغُضُّونَ أَصْوَاتَهُمْ}.
  وأما قوله: {إِنَّ الَّذِينَ يُنَادُونَكَ مِنْ وَرَاءِ الْحُجُرَاتِ} قيل: نزلت في وفد بني تميم.
  وعن جابر بن عبد اللَّه، أن النبي ÷ سئل عمن نزل فيهم: {إِنَّ الَّذِينَ يُنَادُونَكَ} فقال: «بنو تميم»، وذلك أن الأقرع بن حابس، وعيينة بن حصين، والزبرقان بن بدر، وقيس بن عاصم في أناس من بني تميم، جاؤوا إلى رسول الله ÷ فنادوا: يا محمد، اخرج إلينا نفاخرك، فإن مَدْحَنَا زَيْنٌ، وذمنا شَيْنٌ، عن قتادة، فخرج رسول الله ÷، وهو يقول: «ذلكم الله الذي مدحه زَيْنٌ، وذمه شَيْنٌ»، ثم فاخر مرة بالنظم ومرة بالنثر، فأمر ثابت بن قيس بن شماس، وهو