قوله تعالى: {ياأيها الذين آمنوا لا تقدموا بين يدي الله ورسوله واتقوا الله إن الله سميع عليم 1 ياأيها الذين آمنوا لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي ولا تجهروا له بالقول كجهر بعضكم لبعض أن تحبط أعمالكم وأنتم لا تشعرون 2 إن الذين يغضون أصواتهم عند رسول الله أولئك الذين امتحن الله قلوبهم للتقوى لهم مغفرة وأجر عظيم 3 إن الذين ينادونك من وراء الحجرات أكثرهم لا يعقلون 4 ولو أنهم صبروا حتى تخرج إليهم لكان خيرا لهم والله غفور رحيم 5}
  ابن زيد، وقيل: لا تمشوا بين يديه تعظيمًا له، وقيل: لا تطلبوا منزلة وراء منزلته، وقيل: لا تقدموا أعمال الطاعة قبل الوقت الذي أمر به رسول الله ÷، عن الزجاج. وقيل: معناه لا تستبدوا بالأمر، قال الأخفش: تقول العرب: تقدم بين يدي أبيه وأمه، وتَقَدَّم إذا استبد بالأمر دونهما.
  «وَاتَّقُوا اللَّهَ» أي: عذابه في تضييع حقه ومخالفة أمره «إِنَّ اللَّهَ سَميعٌ» لأقوالكم «عَلِيمٌ» بأفعالكم يجازيكم بها «يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ»؛ لأن فيه أحد شيئين: إما لأن فيه نوع استخفاف به، فهو كُفْرٌ وسوء أدب، وفيه خلاف التعظيم المأمور به.
  ومتى قيل: أليس ثابتٌ لم يكفر ولم يفسق؟
  قلنا: لم يقصد الاستخفاف، ولكن كان يباسطه، فَنُهِيَ عن ذلك.
  ومتى قيل: أليس كانوا يرفعون أصواتهم عنده؟
  قلنا: ذاك في مخاطبة غيره أو في حرب، أو أذان، وذلك غير مقصود بالآية، إنما الآية في رفع صوت يخالف التعظيم.
  «وَلاَ تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْض» قيل: كما يرفع بعضهم صوته على بعض، عن أبي علي، وقيل: لا تقولوا: يا محمد، كما يخاطب بعضكم بعضًا، ولكن قولوا: يا رسول الله، وقيل: خاطبوه بالتعظيم والتبجيل «أَنْ تَحْبَطَ أَعمالُكُمْ» أي: لئلا تحبط أعمالكم، يعني أن فعلهم ذلك يبطل أعمالهم، ثواب أعمالهم؛ أي وأنهم لا يعلمون أنه يحبط بهذا القدر، ولا يجوز حمله على نوع من الاستخفاف؛ لأنه كفر، ولم يفعلوا ذلك، ولأنه حرم مع النبي ÷ ما أبيح مع غيره، والاستخفاف بالمؤمنين غير مباح.