قوله تعالى: {ياأيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبإ فتبينوا أن تصيبوا قوما بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين 6 واعلموا أن فيكم رسول الله لو يطيعكم في كثير من الأمر لعنتم ولكن الله حبب إليكم الإيمان وزينه في قلوبكم وكره إليكم الكفر والفسوق والعصيان أولئك هم الراشدون 7 فضلا من الله ونعمة والله عليم حكيم 8 وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما فإن بغت إحداهما على الأخرى فقاتلوا التي تبغي حتى تفيء إلى أمر الله فإن فاءت فأصلحوا بينهما بالعدل وأقسطوا إن الله يحب المقسطين 9 إنما المؤمنون إخوة فأصلحوا بين أخويكم واتقوا الله لعلكم ترحمون 10}
  منها: أنه يريد الإيمان، ويكره الكفر؛ لأنه لا يحبب إلينا إلا ما يحبه، ولا يكرّه ما لا يكرهه.
  ومنها: أنه يلطف حتى نحب الإيمان بلطفه، فيدل على قولنا في اللطف.
  ومنها: أنه زين الإيمان، وكرّه الكفر، خلاف قول الْمُجْبِرَةِ: إنه قد يكرّه الإيمان، ويحبب الكفر.
  وتدل على أن المعاصي التي هي مخالفة للإيمان ثلاث، وأن لها رتبًا: فالكفر أعظمها، والفسق: هو الكبائر الذي ليس بكفر، والعصيان: الصغائر، فيبطل قول الخوارج: إن جميعها كُفْرٌ، وقول بعضهم: إن الفسق هو الكفر، وكل ذنب فسق لولا أن الأمر كما قلنا، وإلا لم يكن للتمييز على هذا الترتيب معنى.
  وأما قوله: {وَإِنْ طَائِفَتَانِ} إلى آخرها، فيدل على أشياء:
  منها: أن القتال إذا وقع بين فئتين فينبغي للمؤمنين أن يوقعوا بينهما الصلح إذا أمكن، فإن لم يمكن فالقتال للباغي.
  ومنها: وجوب قتال البغاة وكيفيته، وإلى متى يجب القتال.
  ومنها: أن الباغي لا يكون إمامًا؛ لأن من يجب قتاله لا تجب طاعته.
  وتدل على أن قتال معاوية كان واجبًا، وأنه كان باغيًا، وكذلك (يزيد) ومن حذا حذوهم.
  ومنها: تدل على وجوب الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر.
  ومنها: أن من شرطه أن يكون بأسهل الأمور، فلا يقاتِلُ والإصلاح بما دونه ممكن.
  وتدل على أن قتل الباغي يحل، وأن دمه هدر.