قوله تعالى: {ياأيها الذين آمنوا لا يسخر قوم من قوم عسى أن يكونوا خيرا منهم ولا نساء من نساء عسى أن يكن خيرا منهن ولا تلمزوا أنفسكم ولا تنابزوا بالألقاب بئس الاسم الفسوق بعد الإيمان ومن لم يتب فأولئك هم الظالمون 11 ياأيها الذين آمنوا اجتنبوا كثيرا من الظن إن بعض الظن إثم ولا تجسسوا ولا يغتب بعضكم بعضا أيحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتا فكرهتموه واتقوا الله إن الله تواب رحيم 12 ياأيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم إن الله عليم خبير 13}
  الله، وإن كان الساخر ذا مال وجاه «وَلَا نِسَاءٌ مِنْ نِسَاءٍ عَسَى أَنْ يَكُنَّ خَيْرًا مِنْهُنَّ» يعني لا تسخر نساء من نساء عسى أن يكن كلهن خيرًا من الساخر، وإن كان هو أكبر حظًّا في الدنيا، وقيل: لا يسخر غني من فقير لفقره، عن مجاهد. «وَلاَ تَلْمِزُوا أَنفُسَكُمْ» أي: لا يغتب بعضكم بعضًا، ولا يطعن عليه، عن ابن عباس، وقتادة. كقوله: {وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ}[النساء: ٢٩] وكقوله: {فَسَلِّمُوْا عَلَى أَنْفُسِكُمْ}[النور: ٦١] وإنما ذكر ذلك؛ لأن المؤمنين كنفس واحدة «وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ» قيل: هو كل اسم أو صفة يكره الرجل أن يدعى به، عن الضحاك. وقيل: هو قول الرجل للرجل: يا كافر، يا فاسق، يا منافق، عن قتادة، وعكرمة. وقيل: كان اليهودي [و] النصراني يسلم، فيقال له بعد ذلك: يا يهودي، يا نصراني، فَنُهُوا عن ذلك، عن الحسن. وقيل: هو أن يعمل إنسان شيئًا ثم يتوب، فَيُعَيَّر بما سلف منه، عن ابن عباس. «بِئْسَ الاِسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ» يعني: مَنْ فَعَلَ ما نهيتُ عنه مما تقدم فهو فاسق، واسم الفسق بعد الإيمان بئس الاسم فلا تفعلوا ذلك فتستحقوا اسم الفسق، وقيل: بئس الاسم الذي تسميه بقولك: يا فاسق بعد أن علمت أنه مؤمن «وَمَنْ لَمْ يَتُبْ» عن ذلك، «فَأُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ» قيل: لأنفسهم بإيجاب العقاب لها، وقيل: ظالم لأخيه بما قال فيه «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ» بَيَّنَ في تلك الآية النهي عن أسباب التفرق، وأمر بهذه الآية أن يثق بأخيه، ولا يظن به غير الجميل؛ لأن ذلك أيضًا من أسباب الفرقة فقال: «اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ» وهو الظن القبيح بمن ظاهره الستر، وقيل: إذا احتمل الشيء وجوهًا فيجب أن يظن به الجميل، فإذا لم يحتمل إلا وجهًا واحدًا وهو قبيح فحينئذ أُتي من قِبَلِ نفسه «وَلاَ تَجَسَّسُوا» قيل: لا تتبعوا عثرات المؤمنين، عن ابن عباس، ومجاهد، وقتادة. يعني خذوا ما ظهر، ودعوا ما ستر، ولا تتبعوا عوراتهم لتقفوا على ما يكره «وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا» قيل: «أن تذكر أخاك بما يكره»، رواه أبو هريرة. مرفوعًا، فإن