قوله تعالى: {ياأيها الذين آمنوا لا يسخر قوم من قوم عسى أن يكونوا خيرا منهم ولا نساء من نساء عسى أن يكن خيرا منهن ولا تلمزوا أنفسكم ولا تنابزوا بالألقاب بئس الاسم الفسوق بعد الإيمان ومن لم يتب فأولئك هم الظالمون 11 ياأيها الذين آمنوا اجتنبوا كثيرا من الظن إن بعض الظن إثم ولا تجسسوا ولا يغتب بعضكم بعضا أيحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتا فكرهتموه واتقوا الله إن الله تواب رحيم 12 ياأيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم إن الله عليم خبير 13}
  كرم الدنيا الغنى، وكرم الآخرة التقوى. «إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ» أي: عليم بكل شيء، والخبير العليم أيضًا، ذكره لاختلاف اللفظين.
  · الأحكام: تدل الآية على النهي عن هذه الأشياء، وفيه تنبيه على النهي عن سبب التقاطع.
  وتدل على الاحتراز من أذى المؤمن، وإذ لم يرض بغيبة المؤمن فكيف بالضرب والشتم والظلم؟
  وتدل على أن الفسق اسم ذم، والإيمان اسم مدح، وأنهما لا يجتمعان، فتدل على قولنا في أنهما من أسماء الشرع، وعلى قولنا في المنزلة بين المنزلتين.
  وتدل على أن الظلم كبيرة، لا يسقط عقابها إلا بالتوبة خلاف قول المرجئة.
  وتدل أن الظن إثم، فيبطل قول من يقول: إن الإثم يختص أفعال الجوارح.
  وتدل على قبح الظن بالمؤمنين.
  ومتى قيل: ما الذي يجب أن يجتنب من الظنون؟
  قلنا: أن يظن المرء بأخيه في الأمر المحتمل لوجه يحسن وجه القبح، بل يجب أن يظن ما يليق بستره وصلاحه.
  ومتى قيل: أن الجميع يجب ذلك، أم فيمن ظاهره الصلاح؟
  قلنا: في الكل ما دام طالبًا لطريق الستر، فإذا أعلن بالفسق فقد خرج من أن يكون له حرمة، ولذلك قال ÷: «لا غيبة لفاسق».
  ومتى قيل: فما الفائدة في هذا الظن؟
  قلنا: لأنه يحمله على الستر، ويكون أقرب إلى الألفة وحسن العشرة والتودد، ولأنه ربما يسلك طريقته.
  ومعنى التجسس قريب من الظن الشر فنهوا عن ذلك، وبين أن الواجب أن يجري على ظاهر السلامة، والمروي عن النبي ÷: «إياكم والظن فإن الظن أكذب