قوله تعالى: {كذبت قبلهم قوم نوح وأصحاب الرس وثمود 12 وعاد وفرعون وإخوان لوط 13 وأصحاب الأيكة وقوم تبع كل كذب الرسل فحق وعيد 14 أفعيينا بالخلق الأول بل هم في لبس من خلق جديد 15 ولقد خلقنا الإنسان ونعلم ما توسوس به نفسه ونحن أقرب إليه من حبل الوريد 16 إذ يتلقى المتلقيان عن اليمين وعن الشمال قعيد 17 ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد 18 وجاءت سكرة الموت بالحق ذلك ما كنت منه تحيد 19}
  · الإعراب: يقال: لِمَ قال: «قَعِيدٌ» ولم يقل: قعيدان؟
  قلنا: قعيد بمعنى قاعد، فيكون على اثنين، وقيل: حذف الأول لدلالة الثاني عليه، وتقديره: عن اليمين قعيد وعن الشمال قعيد، قال الشاعر:
  نَحْنُ بِمَا عْنَدَنَا وأَنْتَ بِمَا ... عِنْدَكَ رَاضٍ والَّرْأيُ مُخْتَلِفُ
  أي: راضون، عن البصريين، وقيل: القعيد على لفظ الواحد، ويصلح للاثنين والجمع كالرسول أراد ذا قعود، رده إلى الجنس؛ لأنه من صفة المبالغة، وفيه معنى المصدر.
  و {رَقِيبٌ} كأنه قيل: ذو المراقبة.
  · المعنى: لما تقدم تكذيب قومه له ذكر تكذيب الأمم لأنبيائهم تسلية له، فقال - سبحانه -: «كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ» وقد تقدم قصتهم «وَأَصْحَاب الرَّسِّ» قيل: هم قوم قتلوا نبيهم ورسوه فيها أي: دسوه، عن عكرمة. وقيل: الرس بئر قتل فيها صاحب ياسين، وقيل: الرس واد بقرب المدينة، وقيل: هم أهل البئر الذي قال الله تعالى: {كَيْفَ يَكُونُ لِلْمُشْرِكِينَ عَهْدٌ عِنْدَ اللَّهِ وَعِنْدَ رَسُولِهِ إِلَّا الَّذِينَ عَاهَدْتُمْ عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ فَمَا اسْتَقَامُوا لَكُمْ فَاسْتَقِيمُوا لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ}[التوبة: ٧] وقيل: كان سحق النساء في أصحاب الرس. «وَثَمُودُ» هم قوم صالح أهلكوا بالصيحة «وَعَادٌ» قوم هود أهلكوا بالريح «وَفِرْعَوْنُ» هو فرعون موسى أغرق «وَإِخْوَانُ لُوطٍ» قلبت بهم الأرض، وأرسلت عليهم الحجارة «وَأَصْحَابُ الأَيكَةِ» الغَيْضَة وهم قوم شعيب «وَقَوْمُ تُبَّعٍ» إنما ذكر قومه دونه؛ لأنه آمن، روي عن النبي ÷ أنه قال: «لا تلعنوا تُبَّعًا فإنه قد كان أسلم»، ووجد قبران باليمن مكتوب عليها: هذا قبر رضوى وحي ابني تبع كانا لا