قوله تعالى: {كذبت قبلهم قوم نوح وأصحاب الرس وثمود 12 وعاد وفرعون وإخوان لوط 13 وأصحاب الأيكة وقوم تبع كل كذب الرسل فحق وعيد 14 أفعيينا بالخلق الأول بل هم في لبس من خلق جديد 15 ولقد خلقنا الإنسان ونعلم ما توسوس به نفسه ونحن أقرب إليه من حبل الوريد 16 إذ يتلقى المتلقيان عن اليمين وعن الشمال قعيد 17 ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد 18 وجاءت سكرة الموت بالحق ذلك ما كنت منه تحيد 19}
  يشركان بِاللَّهِ شيئًا، وقيل: كان يعبد النار ثم أسلم، ودعا قومه، وهم حمير فكذبوه، وعن محمد بن إسحاق كان تُبَّعٌ - وهو أسعد أبو كرب - أقبل من المشرق وأتى المدينة، وكان حين مر بها خلف ابنًا له فقتل، فقدمها على أن يخربها، وحاربه أهلها، فجاءه حبران، وذكرا أنه إن أراد أن يخربها منع منه؛ لأنها مهاجر نبي يبعث في آخر الزمان، فانتهى عما كان يريد، ودعواه إلى الدين فقبل، وخرج بهما إلى اليمن، وأبى قومه الدخول في دينه، ومنعوه عن الدخول وقالوا: نحاكم إلى النار نار باليمن، فجاءوا إلى النار وجاء الحبران بالمصاحف فيها التوراة، وجاءوا أولئك بالأوثان، فوقعت النار في الأوثان وجماعة من رجال حمير ممن حمل الأوثان، فتهود جماعة منهم، فمن هناك وقعت اليهودية في حمير، وروي أن تُبَّعًا لما أسلم قال:
  شَهِدْتُ عَلَى أَحْمَدَ أَنَّهُ ... رَسُولٌ مِنَ اللَّهِ بَارِي النَّسَمْ
  فَلَوْ مُدَّ عُمْرِي إِلَى عُمْرِهِ ... لَكُنْتُ وَزِيرًا لَهُ وَابْنَ عَمْ
  وروي أنه قصد هدم الكعبة، فقيل له: إن له ربًّا يحميه، فندم وأحرم وطاف وكسا البيت، وهو أول من كساه، عن قتادة. و «كُلٌّ كَذَّبَ الرُّسُلَ فَحَقَّ وَعِيدِ» أي: وجب عليهم وعيدي بالعذاب، قيل: عذاب الاستئصال، وقيل: عذاب الآخرة، قال قتادة: خوف أهل مكة. «أَفَعَيِينَا بِالْخَلْقِ الْأَوَّلِ» يعني لماذا أنكروا الإعادة ولمَ؟ أفعيينا ابتداء الخلق، وقوله: «أفعيينا» استفهام والمراد الإنكار، أي: أعجزنا أو تعذر علينا الخلق الأول حتى يعيينا الخلق الثاني، وقيل: الخلق الأول خلق الأشياء، وقيل: بل خلق آدم وكانوا يقرون به وأنهم من ولده، عن الحسن. «بَلْ هُمْ فِي لَبْسٍ» أي: أتوا من قلة تفكرهم في الأدلة فبقوا في أمر ملتبس، قيل: «فِي لَبْسٍ» أي: في شك «مِنْ خَلْقٍ جَدِيدٍ» يعني الإعادة.