قوله تعالى: {كذبت قبلهم قوم نوح وأصحاب الرس وثمود 12 وعاد وفرعون وإخوان لوط 13 وأصحاب الأيكة وقوم تبع كل كذب الرسل فحق وعيد 14 أفعيينا بالخلق الأول بل هم في لبس من خلق جديد 15 ولقد خلقنا الإنسان ونعلم ما توسوس به نفسه ونحن أقرب إليه من حبل الوريد 16 إذ يتلقى المتلقيان عن اليمين وعن الشمال قعيد 17 ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد 18 وجاءت سكرة الموت بالحق ذلك ما كنت منه تحيد 19}
  وخص القول؛ لأنه أكبر، وبه تتعلق أمور الناس «إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ» رقيب يرقبه، عتيد حاضر معد للزوم ذلك، وقيل: يكتبان كل شيء، عن مجاهد. ثم يطرح المباحات، وقيل: بل يكتبان ما فيه جزاء، عن عكرمة، قال الحسن: فإذا مات طويت الصحف وقيل له يوم القيامة: {اقْرَأْ كِتَابَكَ كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيبًا}[الإسراء: ١٤] عدل والله من جعله حسيب نفسه. «وَجَاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوتِ بِالْحَقِّ» سكرة الموت قيل: شدته وغمرته وحيرته «بِالْحَقِّ» قيل: جاء بالحق من أمر الآخرة حتى عرفه واضطره إليه أمره من ثواب أو عقاب «ذَلِكَ مَا كُنْتَ مِنْهُ تَحِيدُ» قيل: تهرب وتروغ، عن الحسن، والضحاك. وقيل: تكره، عن ابن عباس. وقيل: تميل عنه، عن عطاء.
  · الأحكام: يدل قوله: {فَحَقَّ وَعِيدِ} أن العقاب لهم بسوء أعمالهم، وجزاء على سلوك طريقتهم.
  ويدل قوله: {أَفَعَيِينَا} على صحة البعث؛ لأنه احتج عليه بالخلق الأول.
  ويدل قوله: {تُوَسْوِسُ} أن الوسوسة من الشيطان ومن نفسه، لا أنه من خلق الله - تعالى -.
  ويدل قوله: {إِذْ يَتَلَقَّى} على أنه وكل به ملكين يكتبان ما يفعل، وفيه لطف للمكلف وتحذيرًا له وبيان أنه كالمملى عليهما.
  وتدل أن أفعالهم ليس بخلق لله تعالى؛ ليصح أن يكتب على العبد.
  وعن بعضهم: ياابن آدم بسطت صحيفتك، وكتبت عليك ما أتيت من حسنتك