التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {ونفخ في الصور ذلك يوم الوعيد 20 وجاءت كل نفس معها سائق وشهيد 21 لقد كنت في غفلة من هذا فكشفنا عنك غطاءك فبصرك اليوم حديد 22 وقال قرينه هذا ما لدي عتيد 23 ألقيا في جهنم كل كفار عنيد 24 مناع للخير معتد مريب 25 الذي جعل مع الله إلها آخر فألقياه في العذاب الشديد 26 قال قرينه ربنا ما أطغيته ولكن كان في ضلال بعيد 27 قال لا تختصموا لدي وقد قدمت إليكم بالوعيد 28 ما يبدل القول لدي وما أنا بظلام للعبيد 29}

صفحة 6563 - الجزء 9

  · النزول: قيل: نزل قوله: {مَنَّاعٍ لِلْخَيْرِ} الآيات، في الوليد بن المغيرة وكان يمنع الناس عن الدين ويعادي رسول الله.

  · المعنى: ثم ذكرهم بالقيامة عقيب التذكر بالموت، فقال - سبحانه -: «وَنُفِخَ فِي الصُّورِ» قيل: ينفخ الروح في الأبدان والصور فيحيون، وقيل: هو قرن ينفخ فيه إسرافيل نفخة فيموت الخلق، ثم ينفخ ثانية فيحيون يوم القيامة «ذَلِكَ يَوْمُ الْوَعِيدِ» قيل: اليوم الذي وعد الله أن يعذبهم، وقيل: اليوم الذي يحق الوعيد على العصاة «وَجَاءَتْ كُلُّ نَفْسٍ» أي: كل أحد رئيس ومرؤوس «مَعَهَا سَائِقٌ وَشَهِيدٌ» قيل: السائق ملك يسوقها إلى المحشر، وشهيد ملك يشهد عليه بما عمل في الدنيا، وقيل: هم الحافظان، وقيل: السائق: الملك، والشهيد: الجوارح عليه، عن الضحاك. وقيل: السائق: ملك، والشهيد: الحفظة، وقيل: السائق: الملك، والشهيد: العمل، عن أبي هريرة، والأول أوجه وهو الظاهر، ثم يقال توبيخًا: «لَقَدْ كُنْتَ فِي غَفْلَةٍ مِنْ هَذَا» أي: في قلة تدبر، وقيل: اشتغاله بالدنيا أغفلته عن الآخرة، وقيل: كنت في غفلة من أمر الدين «فَكَشَفْنَا عَنْكَ غِطَاءَكَ» قيل: هذا في البَرِّ والفاجر؛ لأنه يكشف الغطاء عن الجميع فيرى ما يصير إليه من الثواب والعقاب، وقيل: بل هو في الكافر؛ لأن المؤمن يعلم ما يصير إليه فلا يقال له هذا، وقيل: كنت في غفلة من الاستعداد لمثل هذا اليوم «فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ» قوي نافذ ترى كل ما كان محجوبًا عنك، وقيل: نظرك إلى لسان الميزان حتى توزن حسناتك وسيئاتك، عن مجاهد. وقيل: أراد بالبصر العلم، يعني علم حين لا ينفعه العلم.

  «وَقَالَ قَرِينُهُ» قيل: الملك الذي كان يصحبه في الدنيا ويشهد عليه، عن الحسن، وقتادة، وابن زيد. وقيل: الشيطان الذي كان يوسوس إليه، والكافر يورك الذنب عليه