قوله تعالى: {وكم أهلكنا قبلهم من قرن هم أشد منهم بطشا فنقبوا في البلاد هل من محيص 36 إن في ذلك لذكرى لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد 37 ولقد خلقنا السماوات والأرض وما بينهما في ستة أيام وما مسنا من لغوب 38 فاصبر على ما يقولون وسبح بحمد ربك قبل طلوع الشمس وقبل الغروب 39 ومن الليل فسبحه وأدبار السجود 40}
  · القراءة: قرأ الحسن والأعرج وعاصم وأبو عمرو والكسائي ويعقوب: «وَأَدْبَارَ السُّجُودِ» بفتح الألف، وهو اختيار أبي عبيد وأبي حاتم، وقرأ الباقون بالكسر، وهي قراءة علي #، وابن عباس، فالكسر هو مصدر أَدْبَر يُدْبِرُ إدبارًا، والفتح جمع دُبُرٍ.
  قراءة العامة: «فَنَقَّبُوا» بفتح القاف [مشددة] على الخبر، وعن الحسن بفتحها «فَنَقَبُوا» مخففة، وعن السلمي ويحيى بن يعمر بكسرها مشددة على التهديد والوعيد أي: طوفوا في البلاد هل تجدون محيصًا من الموت.
  · اللغة: البطش: الأخذ بشدة، ومنه: {إِنَّ بَطْشَ رَبِّكَ لَشَدِيدٌ}[البروج: ١٢].
  والنَّقْبُ: الطريق، وجمعه: نقوب، وأصله نقض موضع يصلح للسلوك، وهو من النقب الذي هو الفتح، وقول امرئ القيس:
  لَقَدْ طَوَّفْتُ في الآفاقِ حَتَّى ... رَضيت مِنَ الْغَنِيِمَةِ بالإِيَابِ
  أي: طوفت في طرقها وسرت في نقوبها، ومنه: نقيب القوم كالأمير؛ لأنه يعرف طرق أمورهم، والنقاب الطريق بين جبلين، ومنه حديث النبي ÷ لما كثر حديث الطاعون: «أرجو ألا يطلع إلينا نقابها» أي: لا يطلع نقاب المدينة.
  والمحيص: المحيد، وهو الذهاب في ناحية الهرب، حاص يحيص حيصًا فهو حائص، نحو: حاد يحيد حيدًا فهو حائد.
  واللُّغوب: الإعياء، لَغَبَ يلغب بفتح الغين وضمها، لَغْبًا ولغوبًا.