التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {وكم أهلكنا قبلهم من قرن هم أشد منهم بطشا فنقبوا في البلاد هل من محيص 36 إن في ذلك لذكرى لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد 37 ولقد خلقنا السماوات والأرض وما بينهما في ستة أيام وما مسنا من لغوب 38 فاصبر على ما يقولون وسبح بحمد ربك قبل طلوع الشمس وقبل الغروب 39 ومن الليل فسبحه وأدبار السجود 40}

صفحة 6572 - الجزء 9

  · الإعراب: «كَمْ أَهْلَكْنَا» استفهام، والمراد التقرير، و (كم) للتكثير نقيض التقليل.

  ويقال: لم جاز دخول (مِنْ) في مفسر (كم)؟

  قلنا: لأنها في الخبر بمنزلة العدد نفسه بالمضاف، كقوله: عشرة أثواب وعشرة من الأثواب، فجاز حذف الإضافة، كما جازت الإضافة.

  · النزول: قيل: في قوله: {وَلَقَدْ خَلَقْنَا} الآية، أنها نزلت في اليهود حيث قالوا: يا محمد، أخبرنا ما خلق الله تعالى من الخلق في هذه الستة الأيام؟ فقال ÷: «خلق الأرض يوم الأحد والاثنين، والجبال يوم الثلاثاء، والأنهار والأقوات والمدائن يوم الأربعاء، والسماوات والملائكة يوم الخميس إلى ثلاث ساعات بقين من يوم الجمعة، فخلق في أول الثلاث ساعات الآجال، وفي الثانية الأوقات، وفي الثالثة آدم»، قالوا: صدقت إن أتممت هذا، فقال: «وما ذاك»؟ قالوا: ثم استراح يوم السبت، فاستلقى على العرش، فنزلت الآية.

  · المعنى: ثم أنذرهم بعذابه، وبَيَّنَ ما أنزل بمن كان قبلهم، فقال - سبحانه -: «وَكَمْ أَهْلَكْنَا» أي: كثيرًا قد أهلكنا «قَبْلَهُمْ مِنْ قَرْنٍ هُمْ أَشَدُّ مِنْهُمْ بَطْشًا» أي: أخذًا في الدنيا وأكثر تصرفًا وأموالاً، فملكوا البلاد والأموال «فَنَقَّبُوا فِي الْبِلاَدِ» قيل: طوفوا وضربوا في الأرض وطلبوا الأمن من العذاب، عن ابن عباس، ومجاهد، والضحاك. وقيل: خرقوا، عن الفراء. وقيل: ساعدوا، عن المؤرج. وقيل: نقبوا للبقاء، يقال: نَقَّبَ