قوله تعالى: {وكم أهلكنا قبلهم من قرن هم أشد منهم بطشا فنقبوا في البلاد هل من محيص 36 إن في ذلك لذكرى لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد 37 ولقد خلقنا السماوات والأرض وما بينهما في ستة أيام وما مسنا من لغوب 38 فاصبر على ما يقولون وسبح بحمد ربك قبل طلوع الشمس وقبل الغروب 39 ومن الليل فسبحه وأدبار السجود 40}
  والحمد لله، عن عطاء الخراساني. وقيل: صَلِّ بأمر ربك «قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ» في صلاة الفجر، «وَقَبْلَ الْغُرُوبِ» صلاة العصر، عن قتادة، وابن زيد، وأبي علي. وقيل: قبل الغروب الظهر والعصر، عن ابن عباس، والحسن. «وَمِنَ اللَّيلِ فَسَبِّحْهُ» يعني صلاة العشاءين، عن أبي علي. وقيل: صلاة الليل لأنه يجوز في أي وقت صلى، عن مجاهد. وقيل: هو صلاة العتمة، عن ابن زيد. والأول أوجه؛ لأنه أمر به، والأمر على الوجوب، وهما واجبان «وَأَدْبَارَ السُّجُودِ» قيل: هما الركعتان بعد المغرب، {وَإِدْبَارَ النُّجُومِ}[الطور: ٤٩] الركعتان قبل الفجر، عن علي بن أبي طالب، وعمر بن الخطاب، والحسن بن علي، وأبي هريرة، والحسن، والشعبي، والنخعي، والأوزاعي. وروي ذلك عن ابن عباس موقوفًا عليه ومرفوعًا إلى النبي ÷، وقيل:
  هو التسبيح بعد الصلاة باللسان، عن ابن عباس، ومجاهد. وقيل: هو النوافل في أدبار المكتوبات كالوتر والسنن، عن ابن زيد، وأبي علي.
  · الأحكام: يدل قوله: {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى} أن الواجب الاستماع إلى الأدلة والتفكر فيها وترك الغفلة والتقليد.
  وتدل على أنه لا يصح عليه التعب؛ ولذلك قال: {وَمَا مَسَّنَا مِن لّغُوبٍ}؛ لأنه قادر لنفسه، وإنما يلحق ذلك من يقدر بقدرة، ويصح عليه التعب.
  ويدل. قوله: {فَاصْبِرْ} على عظم موقع الصبر في الدين، وتهديد الكفار ومَنْ وافقهم من المشبهة.
  ويدل قوله: {وَسَبِّحْ} على وجوب التنزيه، وعلى الحث على الصلاة؛ لما فيها من التسبيح والتنزيه.
  وتدل أن التسبيح فعل المسبح، وأن ذلك القول كان فعل اليهود، فيبطل قول الْمُجْبِرَة في المخلوق.