التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {إن المتقين في جنات وعيون 15 آخذين ما آتاهم ربهم إنهم كانوا قبل ذلك محسنين 16 كانوا قليلا من الليل ما يهجعون 17 وبالأسحار هم يستغفرون 18 وفي أموالهم حق للسائل والمحروم 19 وفي الأرض آيات للموقنين 20 وفي أنفسكم أفلا تبصرون 21 وفي السماء رزقكم وما توعدون 22 فورب السماء والأرض إنه لحق مثل ما أنكم تنطقون 23}

صفحة 6589 - الجزء 9

  وقيل: وعلى رب السماء رزقكم، و (في) بمعنى (على) كقوله: {جُذُوعِ النَّخْلِ}⁣[طه: ٧١] والرب مضمر كقوله: {وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ}⁣[يوسف: ٨٢]، وقيل: قسمة رزقكم في السماء لا يزيد ولا ينقص، فكيف تتعبون في طلبه؟ «وَمَا تُوعَدُونَ» قيل: الجنة وهي في السماء السابعة، عن أبي علي. وقيل: ما توعدون من خير أو شر، عن مجاهد. وقيل: من الجنة والنار، عن الضحاك. وقيل: الساعة، عن ابن سيرين. وقيل: ملائكة ينزلون بقبض الأرواح، وانتساخ الأعمال، ولإنزال العذاب «فَوَرَبِّ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ» قَسَمٌ من الله تعالى «إِنَّهُ لَحَقٌّ» أي: ما ذكره صدق «مِثْلَ مَا أَنَّكُمْ تَنْطِقُونَ» قيل: كما لا تَشُكُّونَ في نطقكم أنها لكم فلا تشكون فيما توعدون به، عن أبي علي. قال الحسن: قاتل الله أقوامًا أقسم لهم ربهم بنفسه، فلم يصدقوه، وقيل: معناه إنه لحق مثل ما أنكم ذوو نطق؛ أي: كما أن الآدمي ذو نطق، أي: كما تقولون أن لا إله إلا الله، وقيل: كما أنكم تقولون: إن الرزق من السماء وهو المطر فهي كذلك، عن أبي مسلم. وقيل: إنه قسم رزقكم كما قسم النطق، فكنتم ذوي نطق دون سائر الحيوان، كذلك قسم لكل واحد رزقًا بقدرته ورحمته.

  · الأحكام: يدل قوله: {إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ} أن الجنة مأوى المتقين دون غيرهم، خلاف قول المرجئة.

  وتدل على أن صفة المتقين ما بَيَّنَ فيه من إقامة الصلاة، وإيتاء الزكاة، والحقوق الواجبة، وصلاة الليل، والاستغفار، وفيه تنبيه على أداء الطاعات، واجتناب المعاصي.

  ويدل قول: {وَفِي أَمْوَالِهِمْ} أن في الأموال حقوقًا يجب أداؤها، فمنها الزكاة،