قوله تعالى: {إن المتقين في جنات وعيون 15 آخذين ما آتاهم ربهم إنهم كانوا قبل ذلك محسنين 16 كانوا قليلا من الليل ما يهجعون 17 وبالأسحار هم يستغفرون 18 وفي أموالهم حق للسائل والمحروم 19 وفي الأرض آيات للموقنين 20 وفي أنفسكم أفلا تبصرون 21 وفي السماء رزقكم وما توعدون 22 فورب السماء والأرض إنه لحق مثل ما أنكم تنطقون 23}
  وقيل: يصلون، عن مجاهد. وقيل: يستغفرون من تقصيرهم في طاعاتهم. «وَفِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ» قيل: الزكاة، وقيل: سائر الحقوق الواجبة «لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ» قيل: السائل الذي يسأل، والمحروم المُحَارَفُ الذي ليس له في الإسلام سهم، عن ابن عباس، وسعيد بن المسيب. واختلفوا في المحارف، قيل: من قُدِرَ عليه رزقه، وقيل: من حورف في كسبه أي: حيل به عنه كتحريف الكلام يعدل عن جهته، وقيل: السائل: الذي يسأل ليعطوه، والمحروم: المتعفف الذي لا يسأل، عن قتادة، والزهري، وأبي علي. وقيل: المحروم الذي لا ينمى له مال، عن عكرمة. وقل: هو المضار ثمره أو زرعه أو ماشيته، عن زيد بن أسلم. وعن محمد بن كعب: المحروم صاحب الحاجة، ثم تلا: {إِنَّا لَمُغْرَمُونَ ٦٦ بَلْ نَحْنُ مَحْرُومُونَ ٦٧}[الواقعة: ٦٦ - ٦٧]. وقيل: المحروم من حرم الغنى وتعفف عن السؤال، وقيل: المحروم البهائم؛ لأنهم حرموا السؤال أي: منعوا منه «وَفِي الْأَرْضِ آيَاتٌ» أي: عِبَرٌ وحجج في خلقها، لا من شيء وثبوتها وسكونها وما فيها من أنواع الحيوان والنعم والمخلوقات، كل ذلك دلالة على أن لها مدبرًا صانعًا، وقيل: ما فيها من المعادن والأدوية والنعم دليلٌ على منعم، وقيل: عبر لمن سار فيها ورأى آثار أهلها {لِلْمُوقِنِينَ} بالحق، وخصهم بها؛ لأنهم المنتفعون بها، ويتفكرون، ويستدلون بها «وَفِي أَنْفُسِكُمْ» أي: وفي نفس كل واحد منكم آيات وعبر من حيث خلقه وصوره، وركب فيه الحواس والأعضاء، ومجاري الطعام والشراب، وعجيب التراكيب وأنواع ما فيه «أَفَلَا تُبْصِرُونَ» في ذلك لتعلموا أن لها مدبرًا، وقيل: في اختلاف أحوالكم، وقيل: أفلا تبصرون تفاوتكم، فتعرفوا صانعكم «وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ» قيل: هو المطر الذي هو سبب الرزق، عن الضحاك، وأبي علي. وقيل: أراد بالسماء المطر أي في المطر رزقكم، قال الشاعر:
  إذَا نَزَلَ السَّمَاءُ بِأَرْضِ قَوْمٍ ... رَعَيْنَاه وَإِنْ كَانُوْا غِضَابَا