التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {هل أتاك حديث ضيف إبراهيم المكرمين 24 إذ دخلوا عليه فقالوا سلاما قال سلام قوم منكرون 25 فراغ إلى أهله فجاء بعجل سمين 26 فقربه إليهم قال ألا تأكلون 27 فأوجس منهم خيفة قالوا لا تخف وبشروه بغلام عليم 28 فأقبلت امرأته في صرة فصكت وجهها وقالت عجوز عقيم 29 قالوا كذلك قال ربك إنه هو الحكيم العليم 30 قال فما خطبكم أيها المرسلون 31 قالوا إنا أرسلنا إلى قوم مجرمين 32 لنرسل عليهم حجارة من طين 33 مسومة عند ربك للمسرفين 34 فأخرجنا من كان فيها من المؤمنين 35 فما وجدنا فيها غير بيت من المسلمين 36 وتركنا فيها آية للذين يخافون العذاب الأليم 37}

صفحة 6593 - الجزء 9

  وقيل: خدمهم بنفسه، عن مجاهد. وقيل: سماهم مكرمين؛ لأنهم كانوا غير مدعوين، عن ابن عباس. «إِذْ دَخَلُوا عَلَيْهِ فَقَالُوا سَلَامًا» أي: سلموا عليه سلامًا فـ «قَالَ سَلَامٌ» أي: رد عليهم وقال: سلام عليكم، عن أبي علي. وقيل: قال سلام لنا منكم فإنكم «قَوْمٌ مُنْكَرُونَ» قيل: غرباء لا نعرفكم، وقيل: أنكرهم لأنهم دخلوا بغير إذن، وقيل: أنكر سلامهم في ذلك الزمان في تلك البلاد، عن أبي العالية.

  «فَرَاغَ إِلَى أَهْلِهِ» أي: مال إليهم ليحمل مأكولاً، وقيل: إنما دخل خيفة لكيلا يمنعوه تكلف مأكول {فَجَاءَ بِعِجْلٍ سَمِينٍ فَقَرَّبَهُ إِلَيْهِمْ} مشويًا، و «قَالَ أَلاَ تَأْكُلُونَ» تحريضًا على الأكل، وقيل: فيه حذف: أمسكوا، فقال: ألا تأكلون؟ قال قتادة: وكان عامة مال إبراهيم البقر، قيل: قالوا: لا نأكله إلا بثمن، فقال: كلوه، وأدوا ثمنه، قالوا: وما ثمنه؟ قال: تسمون الله إذا أكلتم، وتحمدونه إذا فرغتم، فنظر بعضهم إلى بعض وقالوا: بهذا اتخذك الله خليلا. «فَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً» في الكلام حذف، فلم يأكلوا فدخل في نفسه خيفة منهم وأوجس به، قيل: ظن أنهم لصوص أو كفار يخالفونه، يريدون هلاكه، وقيل: ظن أنهم ملائكة وأنهم لا يحضرون إلا لمهم، وقيل: دعو الله فأحيا الله تعالى ذلك العجل، فعلم أنهم ملائكة فحينئذ حضرت أهله لتستمع كلامهم، وقيل: لما خاف علموا بذلك فـ «قَالُوا لاَ تَخَفْ» إنا رسل ربك «وَبَشَّرُوهُ بِغُلَامٍ عَلِيمٍ» بولد عليم، قيل: المبشر به إسحاق أنه من سارة، وهذه الصفة لها، لا لهاجر، عن أبي علي وجماعة. وقيل:

  المبشر به إسماعيل، عن مجاهد. «فَأَقْبَلَتِ امْرَأَتُهُ» قيل: سمعت هي البشارة، وأقبلت، وقيل: بل أخبرها إبراهيم، عن أبي علي. وقيل: جاءت في ملأ، وقيل: لم تكن أقبلت من مكان، وإنما هو كقول القائل: أقبل يشتمني؛ يعني أخذ في شتمي «فِي صَرَّةٍ» قيل: في صيحة، عن ابن عباس، ومجاهد، وسفيان عن قتادة. وقيل: في جماعة من النساء «فَصَكَّتْ وَجْهَهَا» قيل: لطمت وجهها، عن ابن عباس. وقيل: ضربت وجهها متعجبة كالعادة في النساء، عن السدي، ومجاهد، وسفيان. وقيل: صاحب وضربت وجهها سرورًا بما سمعت، بخلاف