قوله تعالى: {هل أتاك حديث ضيف إبراهيم المكرمين 24 إذ دخلوا عليه فقالوا سلاما قال سلام قوم منكرون 25 فراغ إلى أهله فجاء بعجل سمين 26 فقربه إليهم قال ألا تأكلون 27 فأوجس منهم خيفة قالوا لا تخف وبشروه بغلام عليم 28 فأقبلت امرأته في صرة فصكت وجهها وقالت عجوز عقيم 29 قالوا كذلك قال ربك إنه هو الحكيم العليم 30 قال فما خطبكم أيها المرسلون 31 قالوا إنا أرسلنا إلى قوم مجرمين 32 لنرسل عليهم حجارة من طين 33 مسومة عند ربك للمسرفين 34 فأخرجنا من كان فيها من المؤمنين 35 فما وجدنا فيها غير بيت من المسلمين 36 وتركنا فيها آية للذين يخافون العذاب الأليم 37}
  العادة «وَقَالَتْ عَجُوزٌ عَقِيمٌ» وفيه حذف أي: أتلد عجوز عقيم عاقر؟ عن الحسن وجماعة. وكانت سارة لم تلد قبل ذلك، وقيل: كانت ابنة تسمع وتسعين سنة، وقيل: كانت بين البشارة والولادة سنة، وقيل: كان لإبراهيم مائة سنة، واختلفوا في قولها، فقيل: قالت ذلك تعجبًا، لا إنكارًا، وقيل: استخبرت وقالت: كيف تلد العجوز العقيم؟ «قَالُوا» لها «كَذَلِكَ قَالَ رَبُّكِ» أي: لا تعجبي من قدرة الله فإنه حكيم يفعل ما يفعل لحكمته، وعليم بما كان ويكون، هكذا قال: إنه يفعل، وقيل: إنها قالت على هذه الحالة: أَلِد أم يتغير حالي؟ فقالوا: كذلك بل على هذه الحالة «قَالَ فَمَا خَطْبُكُمْ» لما علم إبراهيم حالهم وأنهم جاءوا لِمُهِمٍّ سألهم: لأي أمر جئتم «أَيُّهَا الْمُرْسَلُونَ. قَالُوا إِنَّا أُرْسِلْنَا إِلَى قَوْمٍ مُجْرِمِينَ» يعني قوم لوط أرسلنا لنهلكهم «لِنُرْسِلَ عَلَيهِمْ حِجَارَةً مِنْ طِينٍ» قيل: طين كأنها آجُرٌّ، عن ابن عباس. وقيل: [سجيل بالفارسية أعربت]، سَنَك وكل، عن الكلبي. وقيل: من حجارة البر لا من حجارة الماء وهو البرَد، عن أبي علي. «مُسَوَّمَةً» أي: مُعَلَّمَة بأنها من حجارة العذاب، عن الحسن. وقيل: مسومة بأن جعل على كل حجر اسم من يهلك به، وقيل: معلمة بعلامة تعرف الملائكة أنها مما يُرْمَى بها الكفار عند أمر الله تعالى، وقيل: التسويم أن تجعل نقطة بيضاء في حجر أسود، أو نقطة سوداء في حجر أبيض، عن ابن عباس. وقيل: كان عليها أمثال الخواتيم «عِنْدَ رَبِّكَ» أي: معدة في حكمه «لِلْمُسْرِفِينَ» المجاوزين الحد في العصيان، المستحقين عذاب الاستئصال «فَأَخْرَجْنَا مَنْ كَانَ فِيهَا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ» وهم لوط وقومه الَّذِينَ آمنوا به؛ لأنه تعالى أمرهم بإخراجهم «فَمَا وَجَدْنَا فِيهَا غَيْرَ بَيْتٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ» وهو بيت لوط وكانت فيهم أيضًا كافرة، وهي امرأته، وهلكت معهم «وَتَرَكْنَا» أي: بقينا «فِيهَا» أي: في تلك البقاع والبلاد «آيَةً» عبرة وحجة، وقيل: هو الانقلاب؛ لأنه لا يقدر على ذلك إلا الله تعالى، وقيل: نفس العذاب كان عبرة «لِلَّذِينَ يَخَافُونَ الْعَذَابَ الْأَلِيمَ» الوجيع، وخصهم؛ لأنهم يتعظون بها، وإلا فهو عبرة للجميع.