التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {وفي موسى إذ أرسلناه إلى فرعون بسلطان مبين 38 فتولى بركنه وقال ساحر أو مجنون 39 فأخذناه وجنوده فنبذناهم في اليم وهو مليم 40 وفي عاد إذ أرسلنا عليهم الريح العقيم 41 ما تذر من شيء أتت عليه إلا جعلته كالرميم 42 وفي ثمود إذ قيل لهم تمتعوا حتى حين 43 فعتوا عن أمر ربهم فأخذتهم الصاعقة وهم ينظرون 44 فما استطاعوا من قيام وما كانوا منتصرين 45 وقوم نوح من قبل إنهم كانوا قوما فاسقين 46}

صفحة 6596 - الجزء 9

  والصاعقة والصعقة: العذاب، وتميم تقول: صاعقة، وجمع صاعقة: صواعق، وأصل الصاعقة: صوت الرعد الشديد الذي يصعق منه الإنسان، أي: يغشى عليه، والصاعقة مصدر جاء على فاعلة كراغية الإبل، وثاغية الشاء، والصاعقة: الموت أيضًا.

  قرأ أبو عمرو وحمزة والأعمش والكسائي وخلف: «وقَوْمِ نُوحٍ» بكسر الميم عطفًا على ما تقدم، أي: وفي قوم نوح كقوله: {وَفِى مُوسَىَ} {وَفِى عَادٍ} {وَفِى ثَمُودَ}.

  وقيل: عطفًا على قوله: {وَتَرَكْنَا فِيهَا} أي: وفي قوم نوح.

  وقرأ الباقون بفتح الميم، وفيه وجوه:

  قيل: هو مردود على الهاء والميم، في قوله: {فَأَخَذَتْهُمُ الصَّاعِقَةُ} أي: وأخذت قومَ نوح.

  وقيل: فأهلكنا قومَ نوح، فنصب بمضمر.

  وقيل: تقديره: واذكر قوم نوح.

  {حَتَّى حِينٍ} جر بـ (حَتَّى).

  · اللغة: الركن: الجانب الذي يعتمد عليه، ومنه: {أَوْ آوِي إِلَى رُكْنٍ شَدِيدٍ}⁣[هود: ٨٠] أي: عز ومنعة، قال الخليل: رَكِنَ يَرْكَنُ على مثال: سمع يسمع، ركنًا: مَالَ، وركن يركن أيضًا على مثال: بصر يبصر، وجبل ركين - بكسر الكاف -: له أركان عالية.

  والنبذ والرمي: إلقاء الشيء، نبذته نبذًا، ومنه: النبيذ؛ لأنه يطرح في الطرف حتى يترك، وأصله منبوذ، فصرف إلى فَعِيلٍ، واللقيط منبوذ؛ لأنه يرمى به، والمنبذةُ الوسادةُ؛ لأنها تنبذ أي: تطرح.