قوله تعالى: {وفي موسى إذ أرسلناه إلى فرعون بسلطان مبين 38 فتولى بركنه وقال ساحر أو مجنون 39 فأخذناه وجنوده فنبذناهم في اليم وهو مليم 40 وفي عاد إذ أرسلنا عليهم الريح العقيم 41 ما تذر من شيء أتت عليه إلا جعلته كالرميم 42 وفي ثمود إذ قيل لهم تمتعوا حتى حين 43 فعتوا عن أمر ربهم فأخذتهم الصاعقة وهم ينظرون 44 فما استطاعوا من قيام وما كانوا منتصرين 45 وقوم نوح من قبل إنهم كانوا قوما فاسقين 46}
  مُلِيمٌ» يعني مدنب فَعَلَ ما يلام عليه «وَفِي عَادٍ إِذْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ الرِّيحَ الْعَقِيمَ» التي لا تلقح شجرًا ولا تنشر سحابًا، عن ابن عباس. وقيل: كان عقيمًا من أن يكون فيه لأحد فرج، واختلفوا في ذلك الريح، قيل: كان جنوبًا، وقيل: كان صبا، وعن النبي ÷: «نصرت بالصبا، وأهلكت عاد بالدبور»، «مَا تَذَرُ مِنْ شَيءٍ» أي: ما كانت تترك شيئًا «أَتَتْ عَلَيْهِ إِلَّا جَعَلَتْهُ كَالرَّمِيمِ» قيل: كالعظم البالي، عن مقاتل. وقيل: كالنبات إذا يبس وديس، وقيل: كالشيء الهالك، عن ابن عباس. وقيل: كالتبن اليابس، عن مجاهد. وقيل: كرميم الشجر، عن قتادة. وقيل: كالتراب المدقوق، عن أبي العالية. «وَفِي ثَمُودَ» وهم قوم صالح «إِذْ قِيلَ لَهُمْ تَمَتَّعُوا» أي: انتفعوا بأعماركم وبنائكم «حَتَّى حِينٍ» قيل: إلى وقت فناء آجالكم، وقيل: إلى الأجل المسمى لكم إن أطعتم الله، عن الحسن. وقيل: إلى وقت العذاب، وهو ثلاثة أيام «فَعَتَوْا عَنْ أَمْرِ رَبِّهِمْ» أي: تعظموا واستكبروا ولم يقبلوا أمر الله تعالى «فَأَخَذَتْهُمُ الصَّاعِقَةُ» أي: العذاب «وَهُمْ يَنظُرُونَ» إليها نهارا لا يقدرون على دفعها «فَمَا اسْتَطَاعُوا مِنْ قِيَامٍ» أي: ما قدروا على قيامٍ بعذاب الله بعد نزوله بهم أي: نهوض ودافع له «وَمَا كَانُوا مُنتَصِرِينَ» قيل: منتقمين منا، وقيل: ما كانت عندهم قوة يمتنعون بها من الله «وَقَوْمَ نُوحٍ» يعني: وأهلكنا قوم نوح «مِنْ قَبْلُ» أي: من قبل عاد وثمود «إِنَّهُمْ كَانوا قَوْمًا فَاسِقينَ» خارجين عن طاعة الله إلى معاصيه، وعن الإيمان إلى الكفر.
  · الأحكام: تدل الآيات على زجر وتحذير عن سلوك طريقة أولئك، فينزل بهم ما نزل بأولئك.
  وتدل على أن الفسق اسم ذم إذا أطلق؛ لذلك وصفهم به، وعلل عذابهم بأنه من أجله.