التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {فإذا قضيتم مناسككم فاذكروا الله كذكركم آباءكم أو أشد ذكرا فمن الناس من يقول ربنا آتنا في الدنيا وما له في الآخرة من خلاق 200}

صفحة 827 - الجزء 1

  سائر الأدعية، وخص تلك المواطن؛ لأن الدعاء فيها أفضنل منه في غيرها، وقيل: بالتوحيد والتمجيد، عن أبي مسلم «كَذِكْرِكُمْ آبَاءَكُمْ» وقيل: كانوا يذكرون آباءهم ومفاخرهم بأبلغ الذكر، فقيل: اذكروا اللَّه كالذكر الذي تذكرون به آباءكم في المبالغة «أَوْ أَشَدَّ ذِكْرًا» لما له عليكم من النعمة، عن أنس والحسن وقتادة. وقيل: اذكروه بالاستغاثة، كذكر الصبي لأبيه، إذ قال: يا أبت في قول عطاء والربيع والضحاك.

  وقيل: لا تنسوا المنعم في الأحوال كما لا تنسوا الآباء، عن أبي مسلم، وقيل: كانوا يلهجون بذكر الآباء فأمر بذكره على هذا الحد، عن أبي علي «أَوْ أَشَدَّ ذِكْرًا» يعني وأشد ذكرًا، (أو) بمعنى الواو، وقيل: أكثر ذكرًا، وقيل: أحسن ذكرًا «فَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا» أعطنا من أموال الدنيا إبلاً وغنمًا وعبيدًا ونحو ذلك «وَمَا لَهُ فِي الآخِرَةِ» يعني في الدار الآخرة «مِنْ خَلاَقٍ» أي من حظ ونصيب.

  القصة

  قال أكثر المفسرين: كانت العرب إذا فرغوا من حجهم وقفوا عند البيت فذكروا مآثر آبائهم ومفاخرهم، ويقول: إن أبي كان يفعل كذا، فأمرهم اللَّه تعالى بذكره، وأنه المنعم فيجب له الذكر والشكر.

  · الأحكام: الآية تدل على وجوب هذا الذكر، وتدل على وجوب الانقطاع إليه تعالى.

  وتدل على أنه من يفعل العبادة لأجل الدنيا لا خلاق له في الآخرة.

  ويقال: لم يذم هذا السؤال؟

  قلنا: لأن من كان قصده الدنيا دون الدين فهو مذموم، لا يجيب اللَّه دعاءه،