التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {وأقبل بعضهم على بعض يتساءلون 25 قالوا إنا كنا قبل في أهلنا مشفقين 26 فمن الله علينا ووقانا عذاب السموم 27 إنا كنا من قبل ندعوه إنه هو البر الرحيم 28 فذكر فما أنت بنعمت ربك بكاهن ولا مجنون 29 أم يقولون شاعر نتربص به ريب المنون 30 قل تربصوا فإني معكم من المتربصين 31}

صفحة 6623 - الجزء 9

  واقعٌ لا محالة، وقيل: تربصوا ما شئتم فإني أتربص الفرج وأنتظره حتى يأتي أمر الله فيكم، عن أبي علي، وقيل: كما يتربصون بك فتربص أنت بهم، فحوادث الدهر تعم الجميع.

  · الأحكام: تدل الآيات على أن أهل الجنة يتذاكرون حديث الدنيا، وذلك مما يزيدهم سرورًا.

  ويدل قولهم: «مشفقين» أنهم كانوا يقولون بالوعيد، حتى أمنهم اللَّه تعالى.

  وتدل أن الخوف لطف في فعل الطاعة واجتناب المعصية.

  ويدل قوله: {فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا} على أن غفران الذنب وقبول التوبة نعمة منه تعالى.

  ويدل قوله: {فَذَكِّرْ} على وجوب الدعاء إلى الله تعالى، والأمر بالمعروف، وتذكير الأدلة وبيانها.

  وتدل على نفي كل صفة توجب تهمة ونقصًا عن النبي ÷، والقوم لما عجزوا عن معارضة الحجة عدلوا إلى سوء المقال، وكانوا يعلمون أنه ليس بمجنون، ولا ساحر، ولا شاعر؛ لكن لما لم يجدوا مخلصًا عدلوا إلى مثل هذا المقال، وكانوا يعلمون أنه ليس بمجنون، وهكذا عادة أهل البدع مع أهل الحق أهل التوحيد والعدل.

  وتدل أن القوم كانوا متحيرين لم يدروا ما يقولون، وأنهم أعجزهم أمره.

  وتدل على أن الشفق والدعاء فعلُهم، فيبطل قول الْمُجْبِرَةِ في المخلوق.