قوله تعالى: {وأقبل بعضهم على بعض يتساءلون 25 قالوا إنا كنا قبل في أهلنا مشفقين 26 فمن الله علينا ووقانا عذاب السموم 27 إنا كنا من قبل ندعوه إنه هو البر الرحيم 28 فذكر فما أنت بنعمت ربك بكاهن ولا مجنون 29 أم يقولون شاعر نتربص به ريب المنون 30 قل تربصوا فإني معكم من المتربصين 31}
  بَعْضٍ يَتَسَاءَلُونَ» أي: يسأل بعضهم بعضًا، قيل: عن أحوالهم في الدنيا، وذلك من أعظم سرورهم، وقيل: يسألونهم عما صيرهم إلى الجنة، واختلفوا متى يتسائلون؟ قيل: حين يبعثون من قبورهم، عن ابن عباس، وقيل: في الجنة، وهو الوجه؛ لأنه ليس نسق الكلام. «قَالُوا إِنَّا كُنَّا قَبْلُ فِي أَهْلِنَا مُشْفِقِينَ» أي: خائفين من عذاب الله بوجهين إما معصية وقعت غفلة، أو طاعة عمله مع التقصير «فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا» أي: أنعم بقبول طاعتنا، وغفران سيئاتنا، «وَوَقَانَا» أي: منعنا «عَذَابَ السَّمُومِ» أي: عذاب النار، قال الحسن: السموم اسم من أسماء جهنم «إِنَّا كُنَّا مِنْ قَبْلُ» يعني في الدنيا، وقيل: قبل أن مَنَّ الله علينا بالجنة «نَدْعُوهُ» قيل: بالثناء عليه، وننقطع إليه، وقيل: ندعوه؛ نحو: أَنْجِنا فأجابنا {إِنَّهُ هُوَ البَرُّ} قيل: اللطيف، عن ابن عباس. وقيل: ندعوه يا بار، يا بار، وقيل: الصادق فيما وعد، عن الضحاك، وقيل: البر: الذي عادته الإحسان، واللَّه تعالى بهذه الصفة فقط يخلق ويرزق وينعم دائمًا، ويهدي إلى الحق، ويزيح العلل، ويثيب المطيع لتكثير الثواب، ويمهل العاصي للاستدراك بالتوبة، فإذا تاب قَبِلَ توبته، وغفر خطئيته «فَذَكِّرْ» أي: عظهم وذكرهم، ولا تترك دعوتهم، وإن أساؤوا قولهم فيك، فلست بما أنعم الله عليك من الخصال كما يقولون «فَمَا أَنْتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ» أي: برحمته وعصمته «بِكَاهِنٍ» يبتدع القول، ويخبر الكذب، ويزعم أنه يعلم الغيب كذبًا «وَلاَ مَجْنُونٍ» لا عقل له «أَمْ يَقُولُونَ شَاعِرٌ نَتَرَبَّصُ بِهِ رَيْبَ الْمَنُونِ» أي: ننتظر حوادث الدهر، عن مجاهد، وقيل: الموت، عن ابن عباس، وقتادة، والمنون: المنية، وريبها: الحوادث الذي تريب عند مجيئها، يعني يكفينا أمر موته، وقيل: المنون: الدهر، وريبه: مصائبه ومحنه، فأجابهم الله تعالى فقال: «قُلْ» يا محمد «تَرَبَّصُوا فَإِنِّي مَعَكُمْ مِنَ الْمُتَرَبّصِينَ» أي: انتظروا فإني معكم من المنتظرين، قيل: فيه وعيد لهم بالعذاب، ووعد له بالنصر وبالسلامة من كيدهم، وقيل: تربصوا أنتم ما بقيتم، فلا ينالني مكروه، فإني متربص بكم عذاب الله فأستريح منكم، وهو