التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {أم تأمرهم أحلامهم بهذا أم هم قوم طاغون 32 أم يقولون تقوله بل لا يؤمنون 33 فليأتوا بحديث مثله إن كانوا صادقين 34 أم خلقوا من غير شيء أم هم الخالقون 35 أم خلقوا السماوات والأرض بل لا يوقنون 36 أم عندهم خزائن ربك أم هم المصيطرون 37 أم لهم سلم يستمعون فيه فليأت مستمعهم بسلطان مبين 38 أم له البنات ولكم البنون 39 أم تسألهم أجرا فهم من مغرم مثقلون 40 أم عندهم الغيب فهم يكتبون 41 أم يريدون كيدا فالذين كفروا هم المكيدون 42 أم لهم إله غير الله سبحان الله عما يشركون 43}

صفحة 6625 - الجزء 9

  والمغرم: الملزم بإنفاق المال من غير بذل، ومنه: الغريم، وأصله: المطالبة بإلحاح.

  والمثقل: المحمول عليه ما يشق حمله لثقله.

  والغيب: ما غاب عن الحواس، وقيل: ما لا يعلم ضرورة ولا دليل عليه، عن القاضي، وقيل: ما لا يعلمه إلا الله.

  والكيد: فعل ما يوجب الغيظ في خفية، كاده يكيده كيدًا فهو كائد، وذلك مكيد، وكايده مكايدة.

  · النزول: قيل: لما قالوا: {نَتَرَبَّصُ بِهِ رَيْبَ الْمَنُونِ} أنزل الله تعالى: {أَمْ عِنْدَهُمُ الْغَيْبُ فَهُمْ يَكْتُبُونَ} يعلمون متى يموت محمد ÷ وإلى ماذا يؤول أمره، عن قتادة.

  · المعنى: ثم وبخهم تعالى بقبيح ما فعلوه، فقال - سبحانه -: «أَمْ تَأْمُرُهُمْ أَحْلَامُهُمْ» أي: عقولهم «بِهَذَا» وهذا إنكار عليهم، وإن كان على لفظ الاستفهام، يعني: ما يقولون ما يقبله العقل من وجوه:

  منها: أنهم كذبوه مع ظهور المعجزات عليه، وهذا يأباه العقل.

  ومنها: قولهم للقرآن: إنه شعر، ولا يقبله العقل.

  ومنها: أن العقل يقتضي الصحة، فكيف قالوا ما قالوا، وهم عقلاء.

  وقيل: أَمْ تَأْمُرُهُمْ أَحْلَامُهُمْ بعبادة الأوثان، وهي حجر لا تنفع ولا تضر، وبتكذيبك مع ما ظهر من المعجزات؟ ليس كذلك؛ بل «هُمْ قَوْمٌ طَاغُونَ» لطغيانهم فعلوا ذلك «أَمْ يَقُولُونَ تَقَوَّلَهُ» يعني تَقَوَّل محمد القرآن من عند نفسه كذبًا ليس كذلك؟ «بَل لاَ يُؤْمِنُونَ» استكبارًا، فلذلك قالوا ذلك «فَلْيَأْتُوا بِحَدِيثٍ مِثْلِهِ» أي: مثل القرآن في