قوله تعالى: {أم تأمرهم أحلامهم بهذا أم هم قوم طاغون 32 أم يقولون تقوله بل لا يؤمنون 33 فليأتوا بحديث مثله إن كانوا صادقين 34 أم خلقوا من غير شيء أم هم الخالقون 35 أم خلقوا السماوات والأرض بل لا يوقنون 36 أم عندهم خزائن ربك أم هم المصيطرون 37 أم لهم سلم يستمعون فيه فليأت مستمعهم بسلطان مبين 38 أم له البنات ولكم البنون 39 أم تسألهم أجرا فهم من مغرم مثقلون 40 أم عندهم الغيب فهم يكتبون 41 أم يريدون كيدا فالذين كفروا هم المكيدون 42 أم لهم إله غير الله سبحان الله عما يشركون 43}
  حسن نظمه وجودة معانيه، وصحة ألفاظه وفصاحته «إِنْ كَانوا صَادِقِينَ» أن محمدًا تقوله من تلقاء نفسه، وذلك أن النبي ÷ منهم، ويتكلم بلغتهم، فلو قدر هو على القرآن لقدروا هم، فعجزهم عن مثله يدل على أنه ليس من قِبَلِهِ، وأنه منزل عليه من قبل ربه «أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ» قيل: من غير خالق ورب، عن ابن عباس، وأبي علي، وهو أوجه، وقيل: من غير أب وأم، ومن غير نطفة وعلقة، لا تقوم لله عليهم حجة، أليس خلقوا من نطفة، ثم من علقة، ثم من مضغة، ثم طفلاً، عن عطاء، وقيل: أم خلقوا عبثًا، وتركوا سدى، لا يؤمرون ولا ينهون، عن ابن كيسان، تقديره: أم خلقوا لغير شيء، فوضع (مِن) موضع اللام «أَمْ هُمُ الْخَالِقونَ» لأنفسهم، وكيف يقولون، فهم في حال كمال القدرة والعلم لا يقدرون على جزء، فكيف في حال النقص؟ وجرو الموت يقدرون على خلق بشر سوي «أَمْ خَلَقُوا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ» وأنعم بهما وما فيهما ليس فيهم مَنْ خلقه، بل خلقه الله تعالى «بَل لاَ يُوقِنُونَ» أي: لا يعلمون لقلة تدبرهم في الأدلة «أَمْ عِنْدَهُمْ خَزَائِنُ رَبِّكَ» قيل: المطر والرزق، عن ابن عباس، وقيل: النبوة، عن عكرمة، وقيل: عِلْم ما يكون، وقيل: مقدوراته، فلا يأتون إلا ما يحبون، وأمنوا ما يكرهون، عن أبي علي. «أَمْ هُمُ الْمُسَيطِرُونَ» قيل: أم هم الأرباب، عن أبي عبيدة، وقيل: المسيطرون الجبارون، قيل: المالكون للناس، المسلطون عليهم، القاهرون لهم، عن أبي علي. وقيل: أم هم المسلطون فليس لهم مقوم ولا ملزم «أَمْ لَهُمْ سُلَّمٌ» سبب ومرقاة يصعدون السماء، ويستمعون الوحي، ويدعون أنهم سمعوا هناك ما هم عليه من الدين حتى قيل:
  يستمعون، فيدعون علم الغيب بما يستمعون من كلام الملأ الأعلى «فَلْيَأْتِ مُسْتَمِعُهُمْ» أي: من استمع «بِسُلْطَانٍ مُبِينٍ» بحجة ظاهرة «أَمْ لَهُ الْبَنَاتُ وَلَكُمُ الْبَنُونَ» أي: لو جاز عليه اتخاذ الولد لما اختار البنات على البنين، فقد أخطؤوا من وجهين: أحدهما: