التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {ما كذب الفؤاد ما رأى 11 أفتمارونه على ما يرى 12 ولقد رآه نزلة أخرى 13 عند سدرة المنتهى 14 عندها جنة المأوى 15 إذ يغشى السدرة ما يغشى 16 ما زاغ البصر وما طغى 17 لقد رأى من آيات ربه الكبرى 18}

صفحة 6644 - الجزء 9

  الملائكة إليها تنتهي، في معنى قول كعب، وقيل: سدرة المنتهى في السماء السابعة، إليها ينتهى ما يعرج إلى السماء، وما يهبط من فوقها من أمر الله، عن ابن مسعود، والضحاك، وقيل: لأنه ينتهي إليها أرواح الشهداء، وقيل: لأنه ينتهي إليها علم كل عالم، عن كعب، وقيل: ملائكة السماء تنتهي إليها صاعدًا، وحملة العرش نازلاً، فيجوز أن يكون متعبد الملائكة تحته، وقيل: ينتهي إليها كل من مات على سنته، وقيل: هو سدرة في أصل العرش على رؤوس حملة العرش، عن كعب، وروي مرفوعًا، وروي أنه في أصلها أنهار، وهي شجرة يسير الراكب في ظلها سبعين عامًا لا يقطعها، وقيل: هي طوبى، عن مقاتل، وقيل: أراد الشجرة التي بايع تحتها بيعة الرضوان، وعندها كان استحقاق الجنة، كقولهم: «الجنة تحت ظلال السيوف»، وقيل: هي عن يمين العرش، وهي منزل الشهداء، عن ابن عباس. «عِنْدَهَا جَنَّةُ الْمَأْوَى» أي: جنة الخلد، وهي في السماء السابعة، والمأوى: المصير، أي: يصير إليه أهل الجنة، وقيل: هي الجنة التي كان آوى إليها آدم، وتصير إليها أرواح الشهداء والمؤمنين بعد وفاتهم، عن أبي علي. «إِذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ مَا يَغْشَى» قيل: غشيها فراش الذهب، عن ابن مسعود، ومجاهد، وإبراهيم، وعن ابن عباس بخلاف، وروي ذلك مرفوعًا، وقيل: غشيها النور والبهاء، حتى يروق الأبصار حسنها، عن الحسن، وقيل: النور والملائكة، عن الربيع، وقيل: الملائكة ينتهون إليها، الصاعدين إليها، والنازلين من عند العرش، عن أبي علي.

  وروى الربيع عن أبي هريرة قال: لما أسري بالنبي ÷ فانتهى إلى السدرة، فغشيها النور والملائكة، وروي عنه ÷، قال: «رأيت على كل ورقة من ورقها ملكًا قائمًا يسبح الله»، وقيل. فغشيها رفرف من طير خضر، وقيل: من الطيور، عن السدي، وقيل: غشيها من أمر الله ما غشيها، فتحولت ياقوتًا وزمردًا حتى ما يستطيع أحد وصفها، وقيل: غشيها جبريل في خلقته العجيبة، فَسَدَّ الأفق، وفي قوله: «مَا