قوله تعالى: {ففتحنا أبواب السماء بماء منهمر 11 وفجرنا الأرض عيونا فالتقى الماء على أمر قد قدر 12 وحملناه على ذات ألواح ودسر 13 تجري بأعيننا جزاء لمن كان كفر 14 ولقد تركناها آية فهل من مدكر 15 فكيف كان عذابي ونذر 16 ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر 17}
  عن أبي عبيدة، وقيل: طبق بين السماء والأرض، عن القرظي، وكان ينصب كأفواه القرب «وَفَجَّرْنَا الْأَرْضَ عُيُونًا» أي: شققنا الأرض بالماء عيونًا، حتى جرى الماء على وجه الأرض «فَالْتَقَى الْمَاءُ» أي: ماء السماء وماء الأرض «عَلَى أَمْرٍ قَدْ قُدِرَ» قيل: قدر فيه هلاك القوم، أي: على أمر الله، قدره الله تعالى، وهو هلاكهم، وقيل: على أمر قدره الله تعالى، وعرف مقداره لا زيادة فيه، ولا نقصان، وقيل: «قُدِرَ» أي: ماء السماء وماء الأرض كله واحد، وقيل: على أمر قدر عليهم في اللوح المحفوظ «وَحَمَلْنَاهُ» أي: نوحًا، ولم يذكر القوم؛ لأنهم تبع له «عَلَى ذَاتِ أَلْوَاحٍ» أي: سفينة ذات ألواح «وَدُسُرٍ» قيل: المسامير التي شدت بها السفينة، عن ابن عباس، وقتادة، وابن زيد، والقرظي، وقيل: الدسر صدر السفينة يدسر به الماء، أي: يدفع، عن الحسن وجماعة، وقيل: الدسر أضلاع السفينة، عن مجاهد، وقيل: الدسر طرفاها وأصلها، والألواح جانباها، عن الضحاك. «تَجْرِي» يعني السفينة في الماء، قيل: كانت تجري بين ماء السماء، وماء الأرض، وقد كان غطاها على ما أمر الله به «بِأَعْيُنِنَا» قيل: بحفظنا وحراستنا، ومنه: عين الله عليك، عن مقاتل بن حيان، وقيل: بوحينا، عن مقاتل بن سليمان، وقيل: بأمرنا، عن سفيان، وقيل: بمرأى منا، وقيل: بأعين الماء التي أنبعناها، وقيل: تجري بأعين أوليائنا الموكلين بها من الملائكة، فأشار إلى أن النجاة لم تكن بالسفينة؛ لكن بحفظنا، حيث صرفنا عنه الأرواح، وحفظه عن الغرق وماء السماء «جَزَاءً» يعني فعلنا ذلك جزاء ثوابًا «لِمَنْ كَانَ كُفِرَ» قيل: لنوح، وتقديره: لمن جُحِدَ نبوته، وأَنْكِرَ حقه، وكفر بِاللَّهِ فيه، وتقديره: أغرقناهم بكفرهم بنوح، وقيل: كُفِرَ به، وهو الله تعالى، عن مجاهد، أي: عاقبناهم لله ولأجل كفرهم به، وقيل: {مَنْ} بمعنى (ما)، أي: جزاء بمَا كان كفر من آيات الله، عن ابن زيد. «وَلَقَدْ تَرَكْنَاهَا» يعني السفينة، ونجاة من فيها، وهلاك الباقين، فقيل: السفينة حيث تجري في البحر؛ لأنه هيأ الماء على وجه تجري فيه السفينة، وهيأ السفينة على وجه تجري في الماء «آيَةً» أي: حجة وعظة «فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ» أي: متعظ وخائف أن ينزل به مثل ما نزل بأولئك «فَكَيْفَ كَانَ عَذَابِي وَنُذُرِ» أي: إنذاري