قوله تعالى: {كذبت قوم لوط بالنذر 33 إنا أرسلنا عليهم حاصبا إلا آل لوط نجيناهم بسحر 34 نعمة من عندنا كذلك نجزي من شكر 35 ولقد أنذرهم بطشتنا فتماروا بالنذر 36 ولقد راودوه عن ضيفه فطمسنا أعينهم فذوقوا عذابي ونذر 37 ولقد صبحهم بكرة عذاب مستقر 38 فذوقوا عذابي ونذر 39 ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر 40}
  {إِلَّا آلَ لُوطٍ} استثناء.
  «نِعْمَةً» قيل: نصب على المصدر، أي أنعمنا نعمة، وقيل: على الحال.
  {وَلَقَدْ صَبَّحَهُمْ بُكْرَةً عَذَابٌ} العذاب: الفاعل، والبكرة ظرف.
  {بِالنُّذُرِ} أصله ونُذُرِي، حذفت الياء تخفيفًا، وتدل كسرة الزاء عليها.
  · المعنى: ثم بَيَّنَ قصة لوط وقومه، وكيف هلكوا، فقال - سبحانه -: «كَذَّبَتْ قَوْمُ لُوطٍ بِالنُّذُرِ» قيل: بالرسل، وهو الأصح لا خبر للإنذار به حقيقة؛ لأنه حي قادر فاعل، وقيل: النذر الآيات المشتملة على الوعيد «إِنَّا أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ حَاصِبًا» قيل: رِيحًا رمتهم بالحجارة، وقيل: سحابة رمتهم بالحجارة. وحصبتهم بها، عن ابن عباس، وأبي علي، وقيل: الحاصب يعني الحصباء، أي: رميناهم بالحجارة، وقيل: الحجارة كانت لمن خارج البلد، وأما أهل البلد فانقلبت المدينة عليهم، عن الحسن، وقيل: الملائكة رموهم بالحجارة من السماء، ويحتمل أنهم رموا بالحجارة، ثم انقلبت «إِلَّا آلَ لُوطٍ» من كان تبعًا له وعلى دينه «نَجَّينَاهُمْ بِسَحَرٍ» أي: وقت السحر، أمر الله تعالى جبريل فأخرجهم - من تلك البلاد، وترك فيها امرأة لوط؛ لأنها كانت كافرة «نِعْمَةً مِنْ عِنْدِنَا» عليهم حيث نجيناهم، وأهلكنا أعداءهم «كَذَلِكَ نَجْزِي مَنْ شَكَرَ» يعني كذلك نُكافِئُ من شكر بنعمتنا، وقابلها باعتقاد التوحيد والعدل، وأن النعم كلها منه، وبعبادته على الإخلاص وشكر النعمة أن تعرفه حق معرفته، ثم تعبده حق عبادته، بإيثار طاعته وتجنب معصيته «وَلَقَدْ أَنْذَرَهُمْ بَطْشَتَنَا» أي: خوف لوطٌ قومه بأخذ الله إياهم أخذا شديدًا، وهو العذاب إن لم يؤمنوا «فَتَمَارَوْا بِالنُّذُرِ» قيل: جادلوا بالباطل ليردوا الحق، كعادة العوام في دفع الحق بالباطل، وقيل: استهزأوا بالآيات والنذر،